كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 1)

الأمان الأمان فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: ارفعوا السيف عنهم واقام خالد إلى الصباح واجتمع إليه أهلها وقالوا: يا أيها الأمير لو صالحناك ما جرى شيء من ذلك لكن نسألك بالذي ايدك ونصرك ما الذ ي فتح لك أبواب مدينتنا فاستحى خالد رضي الله عنه أن يقول: فوثب روماس وقال أنا فعلت ذلك يا اعداء الله واعداء رسوله وما فعلته إلا ابتغاء مرضاة الله وجهادا فيكم فقالوا: أولست منا فقال: اللهم لا تجعلني منهم رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبالكعبة قبلة وبالقرآن إماما وأنا اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال: ففرح خالد بذلك وأما أهل بصرى فغضبوا وأضمروا له شرا وعلم بذلك روماس فقال لخالد: أنا لا أريد المقام عندهم وإني أسير معك حيث سرت فإذا فتح الله على يديك الشام وصار لكم الأمر ردوني إليها لأن الوطن عزيز.
قال الواقدي: حدثني معمر بن سالم عن جده قال كان روماس يجاهد معنا جهادا حسنا حتى فتح الله على ايدينا الشام فكان أبو عبيدة يكاتب به عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أيامه فولاه على بصرى فلم يلبث إلا يسيرا حتى توفي رحمه الله وخلف عقبا يذكر به قال: وأمر خالد رجالا يعينونه على أخراج رحله وماله من المدينة ففعلوا ذلك وإذا بزوجته تخاصمه وتطلب فراقه فقال لها المسلمون: ما الذي تريدين قال أريد أمير جيشكم يحكم بيننا فجاؤا بها إلى خالد فقالت له: أنا استغيث بك من روماس فقال لها خالد: وكيف ذلك فقالت: إني كنت البارحة نائمة إذ رايت شخصا ما رأيت منه وجها كأن البدر يطلع من بين عينيه وكأنه يقول: أن المدينة فتحت على يد هؤلاء القوم والشام والعراق فقلت له: ومن أنت يا سيدي قال محمد رسول الله ثم دعاني إلى الإسلام فاسلمت ثم علمني سورتين من القرآن قال فحدث الترجمان خالد بما كان منها فقال أن هذا لعجيب ثم قال خالد للترجمان: قل لها: أن تقرأ السورتين فقرأت الفاتحة وقل هو الله أحد ثم جددت اسلامها على يد خالد بن الوليد وقالت: يا أيها الأمير أما أن يسلم روماس وإلا يتركني أعيش بين المسلمين قال فضحك خالد من قولها وقال سبحان الله الذي وفقنا جميعا ثم قال للترجمان: قل لها: أن روماس اسلم قبلها ففرحت بذلك ثم أن خالدا أحضر أهل بصرى وقررهم على اداء الجزية وولى عليهم من اتفق رأيه عليه ثم كتب إلى أبي عبيدة كتابا يبشره بالفتح ويقول له: يا صاحب رسول الله قد ارتحلنا إلى دمشق فالحقنا إليها ثم كتب كتابا اخر إلى أبي بكر الصديق يخبره برحيله ويقول له: يوم كتبت إليك هذا الكتاب ارتحلت إلى دمشق فادع لنا بالنصر والسلام عليك ومن معك ورحمة الله وبركاته ثم بعث الكتابين كلاهما ثم ارتحل خالد إلى نحو دمشق حتى اشرف على موضع يقال له: الثنية فوقف هناك وركز راية العقاب فسميت بذلك ثنية العقاب ثم ارتحل منها إلى الدير المعروف الآن بدير خالد وكان.

الصفحة 29