كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 1)

والتنافر وأنا لنعلم إنك أفضل منا وأسبق في الإيمان والجهاد ونحن عارفون بمرتبتكم غير منكرين قال فسكت عمر رضي الله عنه واستحى من هذا الكلام فقال أبو سفيان إني اشهدكم إني قد حبست نفسي في سبيل الله وكذلك تكلم سادات مكة فقال أبو بكر اللهم بلغهم أفضل ما يوملون وأجزهم باحسن ما يعملون وأرزقهم النصر على عدوهم ولا تمكن عدوهم فيهم: {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26] .
قال الواقدي: فما تمت أيام قلائل حتى جاء جمع من اليمن وعليهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي رضي الله عنه يريد الشام فما لبثوا حتى أقبل مالك بن الاشتر النخعي رضي الله عنه فنزل عند الإمام علي رضي الله عنه بأهله وكان مالك يحب سيدنا عليا وقد شهد معه الوقائع وخاض المعامع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عزم على الخروج مع الناس إلى الشام.
كتاب أبو بكر إلى خالد
قال الواقدي: واجتمع بالمدينة نحو تسعة آلاف فلما تم امرهم كتب أبو بكر كتابا إلى خالد بن الوليد يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين أما بعد فانيأحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأوصيكم وآمركم بتقوى الله في السر والعلانية وقد فرحت بما أفاء الله على المسلمين من النصر وهلاك الكافرين وأخبرك أن تنزل إلى دمشق إلى أن يأذن الله بفتحها على يدك فإذا تم لك ذلك فسر إلى حمص وانطاكية والسلام عليك وعلى من معك من المسلمين ورحمة الله وبركاته وقد تقدم إليك ابطال اليمن وأبطال مكة ويكفيك بن معد يكرب الزبيدي ومالك بن الاشتر وانزل على المدينة العظمى انطاكية فإن بها الملك هرقل فإن صالحك فصالحه وأن حاربك فحاربه ولا تدخل الدروب وأقول هذا وأن الأجل قد قرب ثم كتب: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] ثم ختم الكتاب وطواه ودفعه إلى عبد الرحمن وقال له: أنت كنت الرسول من الشام وانت ترد الجواب فأخذه عبد الرحمن وسار على مطيته يطوي المنازل والمناهل إلى أن وصل إلى دمشق.
قال حدثني نافع بن عميرة قال لما بعث خالد بن الوليد الكتاب إلى أبي بكر الصديق ارتحل يريد دمشق وكان أهلها قد سمعوا بقتل بطريقهم وابطالهم وانهزام جيوشهم ومن أرسلهم الملك بأجنادين فخافوا وتحصنوا بدمشق واعدوا آلة الحصار ورفعوا السيوف والطوارق وعلوا على الاسوار ونشروا الأعلام والصلبان فلما أخذوا على أنفسهم اشرف عليهم الأمير خالد بن الوليد والجيش قد زاد عمرو بن العاص في تسعة.

الصفحة 62