كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 1)

لأصحابه: يا ويلكم هذا الذي قلب الشام على أصحابه هذا صاحب بصرى وحوران ودمشق وأجنادين دونكم وإياه قال فطمع القوم فيه لانفراده عن أصحابه وكان المسلمون في قتال الروم ونهب الأموال وكل منهم مشتغل بنفسه قال فترجلت البطارقة حول خالد لانهم في جبل كثير الوعر واحاطوا بخالد بن الوليد فعندها ترجل عن جواده واخذ سيفه وجحفته وصبر لقتالهم قال حدثني شداد بن أوس وكان ممن حضر وقعة مرج الديباج وقال خالد: قد صحت الرؤيا فلما ترجل اقبل يقاتل بنفسه واقبل إليه هربيس وهو مشتغل بالقتال وأتاه من ورائه وضرب خالدا بالسيف فوقع السيف على البيضة فقدها وقد عمامته وانقض السيف من يد هربيس وخاف خالد أن يلتفت إلى ورائه فتهجم عليه الروم وخاف أن يفلت هربيس من بين يديه فعند ذلك صاح بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير كأنه مستبشر بشيء اغاثه أو ادركه وذلك خديعة منه وحيلة يريد بها أن يتمكن من الأعلاج فبينما هو كذلك إذ سمع من المسلمين زعقات وقد أخذت الروم من ورائهم وهم يصيحون بالتهليل والتكبير وقائل يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله أتاك النصر من رب العالمين أنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فلما سمع خالد صوته لم يلتفت إلى عبد الرحمن ولا إلى من معه ومضى يفرق الأعلاج ذات اليمين وذات الشمال وما أن سمع اللعين هربيس اصوات المسلمين أراد الهرب فلحقه سيدنا خالد وضربه ضربة فأرداه قتيلا وعجل الله بروحه إلى النار واستطال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحاب هربيس ونزلوا فيهم بالسيف حتى ابادوهم عن اخرهم وكان أكثرهم قتلا من يد ضرار بن الأزور فلما إنكشف الكرب عن خالد ونظر إلى ما فعل ضرار قال افلح وجهك يا ابن الأزور فما زلت مباركا في كل افعالك انجح الله اعمالك واصلح ربي حالك ثم سلم على عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق رضي الله عنه وعلى المسلمين وقال من اين علمتم مكاني هذا فقال عبد الرحمن يا امين بينما نحن في قتال الروم وقد نصرنا الله عليهم والمسلمون قد اشتغلوا بالغنائم إذا سمعنا هاتفا من الهواء يقول: اشتغلتم بالغنائم وخالد قدأحاطت به الروم فلما سمعنا ذلك لم ندر أي مكان أنت فيه وفقدنا شخصك فدلنا عليك علج كان بيد رجل من أصحابك وقال: إن صاحبكم أنا الذي دللته على هربيس وانه معه في هذا الجبل فسرنا إليك.
فقال خالد: لقد دلنا على عدونا ودل علينا المسلمين وقد وجب له الحق علينا ورجع خالد وأصحابه إلى المسلمين فلما رأوه بادروا وسلموا عليه فرد عليهم السلام ثم أن خالدا رضي الله عنه دعا بذلك العلج الذي دله على هربيس وقال له: إنك وفيت لنا ونريد أن نوفي لك بما وعدناك لانك نصحت لنا فهل لك أن تكون من أصحاب دين الصلاة والصيام وملة محمد عليه الصلاة والسلام فتكون من أهل الجنة فقال: ما أريد بديني بدلا فأطلق خالد سبيله قال نوفل بن عمرو فرأيته قد استوى على ظهر جواده.

الصفحة 81