كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 1)

يطلب بلاد الروم وحده ثم أن خالد رضي الله عنه أمر بجمع الغنائم والاسارى فجمع ذلك إليه فلما رأى كثرته حمد الله تعالى وشكره واثنى عليه ودعا بدليله يونس النجيب ثم قال له: ما فعلت بزوجتك فحدثه معها وما كان من امرها فعجب من ذلك فقال رافع بن عميرة أيها الأمير إني أسرت ابنة الملك هرقل وقد سلمتها إليه بدلامن زوجته فقال خالد: وأين ابنة الملك هرقل فمثلت بين يديه فنظر إلى حسنها وجمالها وما منحها الله به من الجمال فصرف وجهه عنها وقال سبحانك اللهم وبحمدك تخلق ما تشاء وتختار ثم قرأ قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] ثم قال ليونس أتريدها بدلا من زوجتك قال: نعم ولكني اعلم أن الملك هرقل لا بدله أن يفديها بالأموال او يخلصها بالقتال فقال خالد: خذها لك الآن فإن لم يطلبها فهي لك وأن طلبها فالله يعوضك خيرا منها فقال يونس أيها الأمير إنك في مكان ضيق ومكان صعب فاعزم على الخروج قبل أن يلحق نفير القوم فقال خالد: الله لنا ومعنا وعطف راجعا يجد في مسيره والغنائم امامه والمسلمون في أثره فرحين بالغنيمة والسلامة والنصر.
قال روح بن عطية فقطعنا الطريق كلها وما عرض لنا من الرومأحد ونحن نخوض في وسط ديار القوم خوضا فلما وصلنا مرج الصغير عند قنطرة أم حكيم نظرنا إلى غبرة من وراءنا فلما عايناها إنكرنا ذلك فاسرع رجال من المسلمين إلى خالد يخبرونه بالغبرة قال: أيكم يأتيني بخبرها فبادر بالأجابة رجل من غفار يقال له صعصعة بن يزيد الغفاري: قال: أنا أيها الأمير ثم نزل عن جواده وكان بجريه يسبق الفرس الجواد لقوة عزمه فورد الغبرة واختبرها ورجع على عقبه وهو ينادي أيها الأمير ادركنا الصلبان من ورائنا وهم مصفدون في الحديد لم يبن منهم غير حماليق الحدق فدعا خالد بيونس الدليل عندما قاربته الخيل وقال: يا يونس اقصد نحو الخيل وانظر ما يريدون فقال السمع والطاعة ثم دنا من الخيل وقاربهم ثم رجع إلى خالد وقال له: ألم أقل لك أيها الأمير أن هرقل لا يغفل عن طلب ابنته وقد انفذ هذه الخيل يريدون أن يأخذوا الغنيمة من أيدي المسلمين فلما لحقوك ههنا قريبا من دمشق بعثوا رسولا يسألك في الجارية أما بيعها واما هدية فبينما خالد يتحدث إذ أقبل إليه شيخ عليه لبس المسوح فأقبل حتى دنا من المسلمين فاوقفوه أمام خالد وقال له: قل: ما نشاء فقال الشيخ أنا رسول الملك هرقل وانه يقول: لك بلغني ما فعلت برجالي وقتلت توما زوج ابنتي وهتكت حرمتي وقد ظفرت وسلمت فلا تفرط بمن معك والان ما أن تبيع ابنتي أو تهديها الي فالكرم شيمتكم وطبعكم ولا يرحم من يرحم وإني ارجو أن يقع بيننا الصلح فلما سمع خالد ذلك قال للشيخ قل لصاحبك: والله لا رجعت عنه وعن أهل ملته حتى أملك سريره وما تحت قدميه كما في علمك واما ابقاؤك علينا فلو وجدت.

الصفحة 82