كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 1)

ذلك محنة لهم أسألك بجاه محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما جعلت لنا من امرنا فرجا ومخرجا ثم عاد إلى القتال وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتلون معه تحت رايته فلله در ابي ذر الفغاري رضي الله عنه فإنه نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد بين يديه قال عمرو بن ساعدة فلقد رايته مع كبر سنه يضرب بسيفه ضربا شديدا في الروم وينتمي إلى قومه ويذكر عند حملاته اسمه ويقول: أنا أبو ذر والمسلمون يفعلون كفعلة إلى أن بلغت القلوب الحناجر وظنوا أن في ذلك الموضع قبورهم.
قال الواقدي رحمه الله تعالى: حدثني عبد الله بن انيس الجهني قال كنت أحب جعفرا واجب من اولاده عبد الله فلما قبض أبو بكر رضي الله عنه وكان قائما مقام ابيه نظرت إلى أمه أسماء بنت عميس حزينة فكرهت أن انظر إليها في ذلك الحزن وايضا أن أبا بكر رضي الله عنه في المسير إلى الشام فاستأذن عبد الله بن جعفر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسير إلى الشام وقال لي يا ابن انيس الجهني اشتهي أن ألحق بالشام ومعنا عشرون فارسا أكون مجاهدا أفتصحبني فقلت: نعم فودع عمه عليا رضي الله عنه وودع عمر رضي الله عنه وسار يريد الشام ومعنا عشرون فارسا حتى أتينا تبوك فقال: يا ابن انيس أتدري موضع قبر ابي فقلت: نعم فقال: أشتهي أن ارى الموضع قال فما أتينا الموضع فأريته موضع مصرع أبيه وموضع الوقعة وقبر ابيه جعفر رحمه الله تعالى وعليه حجارة فلما نظر إليه نزل ونزلنا معه وبكى وترحم فأقمنا عنده إلى صبيحة اليوم الثاني فلما رحلنا رايت عبد الله يبكي ووجهه مثل الزعفران فسألته عن ذلك فقال رأيت ابي البارحة في النوم وعليه حلتان خضراوتان وتاج وله جناحان وبيده سيف مسلول اخضر فسلمه إلى وقال: يا بنى قاتل به اعداءك فما وصلت إلى ما ترى إلا بالجهاد وكأني اقاتل بالسيف حتى تثلم قال عبد الله بن انيس وسرنا حتى أتينا عسكر ابي عبيدة رضي الله عنه بدمشق فبعثه أمير تلك السرية إلى دير ابي القدس قال عبد الله بن انيس فلما رأيت بينه وبين الروم قلت: يوشك أن يذهب عبد الله فسرت كالبرق ورجعت إلى ابي عبيدة رضي الله عنه فلما راني قال أبشارة يا ابن انيس ام لا فقلت: انفذ المسلمين إلى نصرة عبد الله بن جعفر ومن معه ثم حدثته بالقصة فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه أنا لله وأنا إليه راجعون ايصاب عبد الله بن جعفر ومن معه تحت رايتك يا أبا عبيدة وهي أول امارتك.
قال الواقدي: ثم التفت خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال له: يا أبا سليمان سألتك بالله الحق عبد الله بن جعفر فأنت المعد لها فقال خالد: أنا لها أن شاء إله وما كنت انتظر إلا أن تأمرني فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه استحيت منك يا أبا سليمان فقال والله لو أمر علي طفل صغير لاطيعن له فكيف اخالفك وانت اقدم مني إيمانا.

الصفحة 94