كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 1)

الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" (¬1).
فيفهم منه أن قليل الماء ينجسه قليل النجاسة.
وكذلك يفهم من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" (¬2).
ويعارضه حديث أنس بن مالك: أن أعرابيًا قام إلى ناحية من المسجد فبال فيها، فصاح به الناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه لا تَزْرِمُوهُ" (¬3)، فلما فرغ أَمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذَنوب من ماء، فصب على بوله" (¬4).
فظاهره: أن قليل الماء لا ينجسه قليل النجاسة؛ إذ المعلوم أن ذلك الموضع قد طهر بذلك الذَّنوب.
وعلى القول بأنه نجس, هل يتيمم مع وجوده من لم يجد سواه؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنه يتيمم ويتركه، وهو [قول] (¬5) ابن القاسم.
والثاني: أنه يجمع بين التيمم واستعماله، [وبه قال] (¬6) محمَّد بن مسلمة، وعبد الملك.
وعلى القول [بالجمع] (¬7) بين التيمم والوضوء كيف يجمع بينهما؟
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (160)، ومسلم (278)، ومالك (40).
(¬2) أخرجه البخاري (236)، ومسلم (282).
(¬3) أي: لا تقطعوا عليه بوله.
(¬4) أخرجه البخاري (5679)، ومسلم (284).
(¬5) في أ: مذهب.
(¬6) في ب: وهو قول.
(¬7) في ب: بأنه يجمع.

الصفحة 104