كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 1)

وأما المختلف فيه: فهو جمع المسافر في غير عرفة، والمزدلفة؛ فذهب مالك والشافعي إلى جواز الجمع على الجملة، ومنعه أبو حنيفة وأصحابه، ووافقه أشهب -من أصحاب مالك رحمه الله.
وسبب الخلاف: اختلافهم في تأويل الآثار [التي رويت] (¬1) في الجمع، والاستدلال بها على وجه الجمع؛ لأنها كلها أفعال وليست أقوالًا.
والأفعال يتطرق إليها الاحتمال كثيرًا أكثر من تطرقه إلى اللفظ.
وثانيًا: اختلافهم في تصحيح بعضها.
وثالثًا: اختلافهم في جواز القياس في ذلك.
فهذه الثلاثة الأسباب هي مثار الخلاف.
أما الآثار التي اختلف في تأويلها، فمنها حديث أنس، الثابت بالاتفاق، خرجه البخاري [ق/ 20 ب] ومسلم (¬2)، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم ينزل [فيجمع] (¬3) بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر.
ومنها حديث ابن عمر خرجه [الشيخان] (¬4) أيضًا قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا عجل به السير [في السفر] (¬5) يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء الآخرة (¬6).
¬__________
(¬1) في ب: المروية.
(¬2) أخرجه البخاري (1060)، ومسلم (704).
(¬3) سقط من أ.
(¬4) بياض في الأصل، لم يظهر منه سوى حرف النون في آخره.
(¬5) سقط من أ.
(¬6) أخرجه البخاري (1041)، ومسلم (703).

الصفحة 419