كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 1)

والله تعالى يقول: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (¬1).
والضرب في الأرض: السفر فيها، ومنه سمى أخذ [مال القراض] (¬2) مضاربة عند بعض العلماء؛ لأنهم كانوا في الجاهلية إذا أخذ أحدهم مالًا [قراضًا] (¬3) خرج إلى الشام أو إلى غيرها ليشتري به أو يبيع هناك.
ثم لابد [لهذا السَّفر] (¬4) مِنْ أنْ يُقَيَّد بِحَدٍ وغَاية لا يقصر المسافر دونها؛ لأن السفر في موضع اللغة ينطلق على القليل والكثير، فاختلف العلماء فيه اختلافًا كثيرًا؛ فمنهم من يقول: أقل ما يقع عليه اسم السفر، وهو مذهب أهل الظاهر.
وذهب الشافعي وغيره إلى أن الصلاة تقصر في أربعة [بُرَد] (¬5).
وذهب أبو حنيفة إلى أن أقل ما تقصر فيه الصلاة مسيرة ثلاثة أيام.
وسبب الخلاف: معارضة المعنى المعقول من اللفظ؛ وذلك أن المعقول من تأثير القصر في السفر أنه [لما كانت] (¬6) المشقة الموجودة [فيه] (¬7) مثل تأثيره في [الصوم] (¬8)، وإذا كان الأمر كذلك وجب القصر حيث وجدت المشقة أو ما هو مظنة للمشقة، واللفظ ظاهر يفيد تعلق الحكم به كان مقتضاه مظنة المشقة أم لا.
¬__________
(¬1) سورة النساء الآية (101).
(¬2) في ب: المال قراضًا.
(¬3) سقط من أ.
(¬4) في ب: للسفر.
(¬5) البريد: اثنا عشر ميلًا.
(¬6) في أ: لمكان.
(¬7) في أ: فيها.
(¬8) في أ: السفر.

الصفحة 435