كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 1)

خلق الله تُسعَّر لهم النار يوم القيامة" (¬1).
ثم قال شقي: وحدثت معاوية بهذا الحديث، فقال: قد فُعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقى من الناس، فبكى حتى ظننا أنه هالك، ثم أفاق فمسح الدموع عن وجهه [وقال] (¬2): صدق الله ورسوله، ثم تلى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} .. إلى قوله: {مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬3).
وروى عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} (¬4): أنه الرياء، وهذا الوعيد -والله أعلم- فيمن كان أصل عمله الرياء، والسمعة، فأمَّا من كان أصل عمله لله، فلا يضره ذلك إن شاء الله كالخطرات التي في القلب [ولا يملك دفعها] (¬5).
ولقد سُئل مالك وربيعة [رضي الله عنهما] (¬6) عن رجل يحب أن يلقى في طريق المسجد، ولا يجب أن يلقى في طريق السوق: فأما ربيعة: فكره ذلك، وأما مالك فقال: إذا كان أول ذلك لله، فلا بأس به إن شاء الله.
قال الله تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} (¬7).
قال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (¬8).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنه: لأن تكون قلتها أحبَّ إليَّ
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (1905)، والترمذي (2382)، واللفظ له.
(¬2) في ب: فقال.
(¬3) سورة هود الآيتان (15، 16).
(¬4) سورة فاطر الآية (10).
(¬5) في أ: علمه.
(¬6) زيادة من ب.
(¬7) سورة طه الآية (39).
(¬8) سورة الشعراء الآية (84).

الصفحة 68