كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 1)

| | ( ويح قلبي من تناسيه % مقامي يوم حشري ) % | | ( واشتغالي عن خطايا % أثقلت والله ظهري ) % | | كان لبعض العصاة أم تعظه ولا ينثني ؛ فمر يوماً بالمقابر فرأى عظما نخرا ، فمسه | فانفت في يده [ فأنفت نفسه ] فقال لنفسه : أنا غدا هكذا ! فعزم على التوبة فرفع رأسه | إلى السماء وقال : يا إلهي اقبلني وارحمني . ثم رجع إلى أمه حزينا فقال : يا أماه | ما يصنع بالآبق إذا أخذه سيده ؟ فقالت . يغل قدميه ويديه ويخشن ملبسه ومطعمه . قال : | يا أماه أريد جبة من صوف وأقراصا من شعير وافعلي بي ما يفعل بالعبد الآبق من مولاه ، | لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني . ففعلت به ما طلب . فكان إذا جن عليه الليل أخذ في | البكاء والعويل ، فقالت له أمه ليلة : يا بني ارفق بنفسك . فقال : يا أماه إن لي موقفاً | طويلا بين يدي رب جليل ، فلا أدري أيؤمر بي إلى ظل ظليل أو إلى شر مقيل ، إني | أخاف عناء لا راحة بعده [ أبداً ] ، وتوبيخاً لا عفو معه . قالت . فاسترح قليلاً . | فقال : الراحة أطلب يا أماه ، كأنك بالخلائق غداً يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار ! | | فمرت به ليلة في تهجده هذه الآية ^ ( فوربك لنسئلنهم أجمعين ، عما كانوا | يعملون ) ^ فتفكر فيها وبكى واضطرب وغشي عليه فجعلت أمه تناديه ولا يجيبها فقالت | له : قرة عيني أين الملتقى ؟ فقال بصوت ضعيف : إن لم تجديني في عرصة القيامة فسلي مالكاً | عني ! . ثم شهق شهقة فمات . رحمه الله . فخرجت أمه تنادي : أيها الناس هلموا إلى | الصلاة على قتيل النار ! فلم ير أكثر جمعا ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم . | | هذه والله علامة المحبين وأمارات الصادقين وصفات المحزونين . | | ( مآثم المذنبين ما تنقضي % آخر الدهر أو يحلوا اللحودا ) % |
____________________

الصفحة 29