كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 1)

| عليه كآبة ، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قلب يده فقال : والله | لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم أحدا يشبههم ، لقد كانوا | يصبحون شعثا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى ، قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون | كتاب الله ، يراوحون بين جباههم وأقدامهم ، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد | الشجر في يوم الريح وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم ، والله لكأن القوم باتوا غافلين . | ثم نهض فما رئي بعد ذلك مفترا يضحك ، حتى ضربه ابن ملجم . | | ولقد جاء من بعد الصحابة سادات برزوا في العلم والعمل . | | كان أبو مسلم الخولاني قد علق في مسجده سوطا يعذب به نفسه كلما فترت ويقول : | أتظن الصحابة أن يستأثروا بمحمد دوننا ؟ والله لأزاحمنهم عليه زحاما حتى يعلموا أنهم قد | خلفوا رجالا . | | وكان عامر بن عبد قيس يصلي كل يوم ألف ركعة . | | وكان كهمس يختم في الشهر تسعين ختمة . | | وصلى سليمان التيمي الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة . | | وكان سفيان الثوري غاية في العلم والعمل فغلبه الخوف فصار يبول الدم ، فحمل | ماؤه إلى الطبيب فقال : هذا لا يشبه ماء المسلمين هذا ماء الرهبان ، هذا رجل فتت | الحزن كبده . | | وحمل ماء سري السقطي إلى الطبيب فلما نظر إليه قال : هذا بول عاشق . قال حامله : | فصعقت وغشي علي . ثم رجعت إلى سري فأخبرته فقال : قاتله الله ما أبصره . | | ( إذا أنا واجهت الصبا عاد بردها % من حر أنفاسي عليه لهيب ) % | | ( وقد أكثرت في الأطباء قولهم % ومالي إلا أن أراك طبيب ) % |
____________________

الصفحة 496