كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 1)

| | كانت قلوبهم بالحق متعلقة ، وأنوارهم على الظواهر متألقة ، كلما هدلت حمائم نوحهم | هطلت غمائم شجوهم ، دموعهم في الدجى ذوارف لما بين أيديهم من المخاوف ، يغسلون | بالبكاء ذنوب الصحائف ، خوفهم شديد وما فيهم مخالف ، إذا جن الليل فالقدم | واقف ، يحنون إلى الحبيب حنين شارف ، الدمع مساعد والحزن مساعف ، يفزعون | إلى التذكر إذا مسهم طائف ، أحوالهم عجاب وأمورهم طرائف ، كم بينهم وبين قوم | موسى ؟ انقدوا يا صيارف . | | ( أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا % وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا ) % | | ( وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها % وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا ) % | | ( وحدثتني يا سعد عنهم فزدتني % جنونا فزدني من حديثك يا سعد ) % | | علموا أن الدنيا متاع يفنى فعبروها وما عمروها للسكنى ، واشتغلوا بدار كلما نقضت | هذه تبنى ، طرق الوعظ أسماعهم فتلمحوا المعنى ، يأخذون أهبة الرحيل ولا يأخذون | عرض هذا الأدنى ، لا كبر عندهم تراهم بين المساكين والزمني ، لو تأملتهم رأيت | ضلوعا على المحبة تحنى ، حلف صادقهم على هجر الهوى فلا والله ما استثنى ، وأقبلوا على | قدم الفقر فلما رآهم أغنى ، ذكروا الجنة فاشتاقوا ولا شوق قيس إلى لبنى . | | قال النبي صلى الله عليه وسلم : ' اشتاقت الجنة إلى علي وعمار وسلمان ' . | | ( إلى الزهاد في الدنيا % جنان الخلد تشتاق ) % | | ( عبيد من خطاياهم % إلى الرحمن أباق ) % | | ( حدتهم نحوه الرغبة % والرهبة فاشتاقوا ) % | | ( وراقت لهم الدنيا % وعاقتهم فما انعاقوا ) % | | ( عليهم حين تلقاهم % سكينات وإطراق ) % | | ( يضجون إلى الله % ودمع العين مهراق ) % |
____________________

الصفحة 498