كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 1)

| | وجاء في تفسير قوله تعالى : ! 2 < سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون > 2 ! قال : | أمنع قلوبهم من التفكر في أمري . | | وكان لقمان يجلس وحده ويقول : طول الوحدة أفهم للتفكر , وطول التفكر | دليل على طريق الجنة . | | وقال وهب بن منبه : ما طالت فكرة امرىء قط إلا علم , ولا علم إلا عمل . | | وبينما أبو شريح العابد يمشي جلس فتقنع بكسائه وجعل يبكي , فقيل له : ما يبكيك ؟ | قال : تفكرت في ذهاب عمري وقلة عملي واقتراب أجلي ! . | | وبينا داود الطائي في سطح داره في ليلة قمراء تفكر في ملكوت السموات | والأرض فوقع إلى سطح جاره , فلما أفاق قال : ما علمت بذلك . | | واعلم أن التفكر ينقسم إلى قسمين : أحدهما يتعلق بالعبد , والثاني بالمعبود جل جلاله . | | فأما المتعلق بالعبد : فينبغي أن يتفكر : هل هو على معصية أم لا ؟ فإن رأى زلة | تداركها بالتوبة والاستغفار ثم يتفكر في نقل الأعضاء من المعاصي إلى الطاعات , | فيجعل شغل العين العبرة , وشغل اللسان الذكر , وكذلك سائر الأعضاء . | | ثم يتفكر في الطاعات ليقوم بواجبها ويجبر واهنها , ثم يتفكر في مبادرة الأوقات | بالنوافل طلباً للأرباح , ويتفكر في قصر العمر فينتبه حذراً أن يقول غداً : ' يا حسرتا | على ما فرطت في جنب الله ' . | | ثم يتفكر في خصال باطنة فيقمع الخصال المذمومة , كالكبر والعجب والبخل | والحسد , ويتولى الخصال المحمودة , كالصدق والإخلاص والصبر والخوف . | | وفي الجملة يتفكر في زوال الدنيا فيرفضها , وفي بقاء الآخرة فيعمرها . | | أخبرنا إسماعيل بن أبي بكر المقبري , أنبأنا عاصم بن الحسن , أنبأنا بشران | ابن صفوان , أخبرنا أبو بكر بن عبيد , قال قال محمد بن الحسين , حدثني عمار بن |
____________________

الصفحة 58