كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 1)

| عثمان , حدثني سعيد بن ثعلبة , قال : قال النضر بن المنذر لإخوانه : زوروا الآخرة | في كل يوم بقلوبكم , وشاهدوا الموت بتوهمكم , وتوسدوا القبور بفكركم , واعلموا | أن ذلك كائن لا محالة , فمختار لنفسه ما أحب من المنافع والضرر أيام حياته . | | وأما المتعلق بالمعبود جل جلاله فقد منع الشرع من التفكر في ذات الله عز وجل | وصفاته فقال عليه السلام : ' تفكروا في خلق الله ولا تتفكرو افي الله , فإنكم لن | تقدروا قدره ' . | | فلم يبق إلا النظر في الآثار التي تدل على المؤثر . | | وجميع الموجودات من آثار قدرته . | | وأعجب آثاره الآدمي , فإنك إذا تفكرت في نفسك كفى , وإذا نظرت في خلقك | شفى . أليس قد فعل في قطرة [ من ] ماء ما لو انقضت الأعمار في شرح حكمته | ما وفت ! | | كانت النقطة مغموسة في دم الحيض , ومقياس القدرة يشق السمع والبصر , | خلق منها ثلاثمائة وستين عظماً وخمسمائة وتسعاً وعشرين عضلة , كل شيء من ذلك | تحته حكمة , فالعين سبع طبقات , وأربعة وعشرون عضلة لتحريك حدقة العين , | وأجفانها , لو نقصت منها واحدة لاختل الأمر , وأظهر في سواد العين على صغره | صورة السماء مع اتساعها , وخالف بين أشكال الحناجر في الأصوات , وسخر | المعدة لإنضاج الغذاء , والكبد لإحالته إلى الدم , والطحال لجذب السوداء | والمرارة لتناول الصفراء [ كلها ] والعروق كالخدم للكبد تنفذ منها الدماء إلى | أطراف البدن . | | فيا أيها الغافل ما عندك خبر منك , فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل |
____________________

الصفحة 59