كتاب اللباب في شرح الكتاب (اسم الجزء: 1)

ويستحب لمن لا يجد الماء وهو يرجو أن يجده في آخر الوقت أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت فإن وجد الماء توضأ به وصلى، وإلا تيمم.
ويصلى بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل.
ويجوز التيمم للصحيح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ويستحب لمن لا يجد الماء وهو يرجو أن يجده في آخر الوقت أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت) المستحب على الصحيح (فإن وجد الماء توضأ به) ليقع الأداء بأكمل الطهارتين (وإلا تيمم) ولو لم يؤخر وتيمم وصلى جاز لو بينه وبين الماء ميل، وإلا لا، در. قال الإمام حافظ الدين: هذه المسألة تدل على أن الصلاة في أول الوقت عندنا أفضل، إلا إذا تضمن التأخير فضيلة كتكثير الجماعة اهـ.
(ويصلى) المتيمم (بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل) لأنه طهور حال عدم الماء فيعمل عمله ما في شرطه (¬1) .
¬_________
(¬1) أما الإمام الشافعي رحمه الله فيرى وجوب التيمم لكل فرض وعدم صحة صلاة فرضين بتيمم واحد لأن التيمم طهارة ضرورية وهو يجيز النوافل المتعددة بالتيمم الواحد تبعاً للفرض. وعند الحنيفة أنه طهارة مطلقة غير مقيدة وهو معنى قول الشارج إنه طهور حال عدم الماء فيعمل عمله ما بقي شرطه وهو عدم الماء ويستدلون على ذلك بأنه سبحانه شرع التيمم حال عدم الماء حيث قال فلم تجدوا ماء فتيمموا فتبقى الطهارة ببقائه ويؤيده إطلاقه قوله صلى الله عليه وسلم التراب طهور والمسلم ولو إلى عشر حجج مالم - يجد الماء. وقوله جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً والطهور هو المطهر فتبقى طهوريته إلى غايتها من وجود الماء أو ناقض آخر.
(ويجوز التيمم للصحيح) قيد به لأن المريض لا يتقيد بحضور الجنازة (في المصر) قيد به لأن الفلوات يغلب فيها عدم الماء؛ فلا يتقيد بحضور الجنازة (إذا حضرت جنازة والولي غيره) قيد به لأنه إذا كان الولي لا يجوز له على الصحيح؛ لأن له حق الإعادة فلا فوات في حقه كما في الهداية (فخلف إن اشتغل بالطهارة) بالماء (أن تفوته الصلاة فإنه يتيمم ويصلي) ؛ لأنها لا تقضى (وكذلك من حضر) صلاة (العيد فخاف إن اشتغل بالطهارة أن تفوته صلاة العيد فإنه يتيمم ويصلي) ؛ لأنها لا تقضى أيضاً (وإن خاف من شهد الجمعة إن اشتغل بالطهارة) بالماء (أن تفوته صلاة الجمعة لم يتيمم) ؛ لأنها لها خلف (ولكنه يتوضأ فإن أدرك الجمعة صلاها وإلا) : أي لم يدرك الجمعة (صلى الظهر أربعاً) قيد به لإزالة الشبهة حيث كانت الجمعة خلفاً عن الظهر عندنا، فربما ترد الشبهة على السامع أنه يصلي ركعتين (وكذلك إذا ضاق الوقت فخشي إن توضأ فات الوقت لم يتيمم) ؛ لأنه يقضي (ولكنه يتوضأ ويصلي) إن فات الوقت (فائتة) أي: قضاء.
(والمسافر إذا نسي الماء في رحله فتيمم وصلى ثم ذكر الماء) بعد ذلك (في الوقت) أو بعده، جوهرة (لم يعد صلاته عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله) ؛ لأنه لا قدرة بدون العلم، وهي المراد بالوجود، هداية (وقال أبو يوسف: يعيدها) ؛ لأن رحل المسافر معدن الماء عادة فيفترض الطلب عليه، والخلاف فيما إذا وضعه بنفسه أو غيره بأمره، وإلا فلا إعادة اتفاقاً، قيد الذكر بما بعد الصلاة حيث قال "ثم ذكر الماء"؛ لأنه إذا ذكر وهو في الصلاة يقطع ويعيد إجماعاً، وقيد بالنسيان احترازاً مما إذا شك أو ظن أن ماءه فنى فصلى بالتيمم ثم وجده فإنه يعيد إجماعاً، وقيد بقوله "في رحله" لأنه لو كان على ظهره أو معلقاً في عنقه أو موضوعاً بين يديه فنسيه وتيمم لا يجوز إجماعاً؛ لأنه نسي ما لا ينسى فلا يعتبر نسيانه، وكذا لو كان في مؤخر الدابة وهو سائقها أو في مقدمها وهو قائدها أو راكبها لا يجوز إجماعاً، جوهرة.
(وليس) بلازم (على المتيمم إذا لم يغلب على ظنه أن بقربه ماء أن يطلب الماء) قال في الجوهرة: هذا في الفلوات أما في العمران فيجب الطلب؛ لأن العادة عدم الماء في الفلوات، وهذا القول يتضمن ما إذا شك وما إذا لم يشك، لكن يفترقان؛ فيما إذا شك يستحب له الطلب مقدار الفلوة، ومقدارها ما بين ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة، وإن لم يشك يتيمم اهـ. (فإن غلب على ظنه أن هناك ماء) بأمارة أو إخبار عدل (لم يجز له أن يتيمم حتى يطلبه) مقدار الغلوة، ولا يبلغ ميلا؛ كيلا ينقطع عن رفقته، هداية، ولو بعث من يطلبه كفاه عن الطلب بنفسه، وإن تيمم من غير طلب وصلى ثم طلبه فلم يجده وجب عليه الإعادة عندهما، خلافاً لأبي يوسف، جوهرة (وإن كان مع رفيقه ماء طلبه منه قبل أن يتيمم) لعدم المنع غالباً (فإن منعه تيمم وصلى) لتحقق العجز، ولو تيمم قبل الطلب أجزأه عند أبي حنيفة؛ لأنه لا يلزمه الطلب من ملك الغير، وقالا: لا يجزئه؛ لأن الماء مبذول عادة، واختاره في الهداية، ولو أبى أن يعطيه إلا بثمن المثل وعنده ثمنه لا يجزئه التيمم؛ لتحقق القذرة، ولا يلزمه تحمل الغبن الفاحش؛ لأن الضرر مسقط، هداية

الصفحة 33