كتاب اللباب في شرح الكتاب (اسم الجزء: 1)

وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد.
ولا يجوز المسح على خف فيه خرقٌ كبيرٌ يبين منه مقدار ثلاث أصابع من أصابع الرجل، وإن كان أقل من ذلك جاز.
ولا يجوز المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل.
وينقض المسح ما ينقض الوضوء، وينقضه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وفرض ذلك) المسح (مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد) طولاً وعرضاً، وقال الكرخي: من أصابع الرجل، والأول أصح اعتباراً لآلة المسح، هداية.
(ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير) بموحدة أو مثلثة - وهو (ما يبين منه مقدار ثلاث أصابع من) أصغر (أصابع الرجل) وهذا لو الخرق على غير أصابعه وعقبه، فلو على الأصابع اعتبر نفسها، ولو كباراً، ولو على العقب اعتبر بدو أكثره؛ ولو لم ير القدر المانع عند المشي لصلابته لم يمنع، وإن كثر، كما لو انفتقت الظهارة دون البطانة، در (وإن كان) الخرق (أقل من ذلك) القدر المذكور (جاز) المسح عليها، لأن الأخفاف لا تخلو عن قليل الخرق عادة، فيلحقهم الحرج في النزع، وتخلو عن الكثير فلا حرج، هداية.
(ولا يجوز المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل) والمنفي لا يلزم تصويره، فالاشتغال به اشتغال بما لا يلزم تحصيله (¬1) .
¬_________
(¬1) المنفي هو المسح على الخفين للجنب وما دام غير جائز فلا داعي للبحث عنه وروى الترمذي والنسائي وقال حديث حسن صحيح عن صفوان بن عسال قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع أخفافنا ثلاثة أيام ولياليها إلا من جنابة. ولكن من غائط وبول ونوم) .
(وينقض المسح) على الخفين (ما ينقض الوضوء) ؛ لأنه بعضه (وينقضه أيضا نزع الخف) لسراية الحدث إلى القدم حيث زال المانع، وكذا نزع أحدهما لتعذر الجمع بين الغسل والمسح في وظيفة واحدة، (و) ينقضه أيضا (مضي المدة) المؤقتة له (فإذا مضت المدة نزع خفيه وغسل رجليه) فقط (وصلى، وليس عليه بقية الوضوء وكذا إذا نزع قبل المدة، لأنه عند النزع ومضى المدة يسري الحدث السابق إلى القدمين، فصار كأنه لم يغسلهما، وحكم النزع يثبت بخروج القدم إلى الساق، لأنه معتبر به في حق المسح، وكذا بأكثر القدم، هو الصحيح، هداية.
(ومن ابتدأ المسح وهو مقيم فسافر قبل إتمام يوم وليلة مسح ثلاثة أيام ولياليها) ، لأنه حكم متعلق بالوقت فيعتبر فيه آخره، بخلاف ما إذا استكمل المدة ثم سافر لأن الحدث قد سرى إلى القدم، والخلف ليس بدافع، هداية (ومن ابتدأ المسح وهو مسافر ثم أقام) بأن دخل مصره أو نوى الإقامة في غيره (فإن كان) استكمل مدة الإقامة بأن كان (مسح يوماً وليلة أو أكثر لزمه نزع خفيه وغسل رجليه) ، لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه (وإن كان) لم يستكمل مدة الإقامة بأن كان (مسح أقل من يوم وليلة تمم مسح يوم، وليلة) لأنها مدة الإقامة وهو مقيم.
(ومن لبس الجرموق) وهو ما يلبس فوق الخف، والجمع الجراميق، مثل عصفور وعصافير، مصباح، ويقال له: الموق (فرق الخف مسح عليه) بشرط لبسه على طهارة، وكونه لو انفرد جاز المسح عليه، بخلاف ما إذا لبسه بعد ما أحدث، أو كان من كرباس أو فيه خرق مانع فلا يصح.
(ولا يجوز المسح على الجوربين) رقيقن كانا أو ثخينين (عند أبي حنيفة) رضي الله عنه (إلا أن يكونا مجلدين) أي جعل الجلد على ما يستر القدم منهما إلى الكعب (أو منعلين) أي جعل الجلد على ما يلي الأرض منهما إلى الكعب (أو منعلين) أي جعل الجلد على ما يلي الأرض منهما خاصة، كالنعل للرجل (وقال أبو يوسف ومحمد) رحمهما الله (يجوز المسح على الجوربين) سواء كانا مجلدين أو منعلين أو لا (إذا كانا ثخينين) بحيث يستمسكان على الرجل من غير شد، و (لا يشفان الماء) إذا مسح عليهما: أي لا يجذبانه، وينفذانه إلى القدمين، وهو تأكيد للثخانة. قال في التصحيح؛ وعنه أنه رجع إلى قولهما، وعليه الفتوى، هداية اهـ.
وحاصله - كما في شرح الجامع لقاضيخان - ونصه: ولو مسح على الجوربين فإن كانا ثخينين منعلين جاز بالاتفاق، وإن لم يكونا ثخينين منعلين لا يجوز بالاتفاق، وإن كانا ثخينين غير منعلين لا يجوز في قول الإمام خلافا لصاحبيه، وروى أن الإمام رجع إلى قولهما في المرض الذي مات فيه اهـ.
(ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة) بفتح القاف وضم السين - وهي في الأصل ما يجعله الأعاجم على رءوسهم أكبر من الكوفيه، ثم أطلق على ما تدار عليه العمامة (والبرقع) ما تجعله المرأة على وجهها (والقفازين) تثنية قفاز - كعكاز - ما يجعله على اليدين له أزرار تزر على الذراعين يلبسان من شدة البرد ويتخذه الصياد من جلد أو لبد يغطي به الكف والأصابع اتقاء مخالب الصقر، وذلك لأن المسح على الخف ثبت بخلاف القياس فلا يلحق به غيره.
(ويجوز المسح على الجبائر) جمع جبيرة، وهي: عيدان تلف بخرق أو ورق وتربط على العضو المنكسر (وإن شدها على غير وضوء) أو جنباً، لأن في اشتراط الطهارة في تلك الحال حرجا وهو مدفوع، ولأن غسل ما تحتها قد سقط وانتقل إليها بخلاف الخف (فإن سقطت عن غير برء لم يبطل المسح) ، لأن العذر قائم والمسح عليها كالغسل لما تحتها ما دام العذر باقياً (وإن سقطت عن برء بطل المسح) لزوال العذر، وإن كان في الصلاة استقبل، لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل، هداية

الصفحة 38