كتاب اللباب في شرح الكتاب (اسم الجزء: 1)

وإن كان منفرداً فهو مخيرٌ: إن شاء جهر وأسمع نفسه، وإن شاء خافت، ويخفي الإمام القراءة في الظهر والعصر. والوتر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال في التصحيح: والمخافتة تصحيح الحروف وهذا هو مختار الكرخي وأبي بكر البلخي، وعن الشيخ أبي القاسم الصفار وأبي جعفر الهندواني ومحمد ابن الفضل البخاري: أن أدنى المخافتة أن يسمع نفسه إلا لمانع، وفي زاد الفقهاء: هو الصحيح وقال الحلواني: لا يجزئه إلا أن يسمع نفسه ومن بقربه، وفي البدائع: ما قاله الكرخي أنيس وأصح، وفي كتاب الصلاة إشارة إليه فإنه قال: إن شاء قرأ في نفسه سراً وإن شاء جهر وأسمع نفسه، وقد صرح في الآثار بذلك، وتمامه فيه.
(وإن كان) المصلي (منفرداً فهو مخير: إن شاء جهر وأسمع نفسه) لأنه إمام نفسه (وإن شاء خافت) ؛ لأنه ليس خلفه من يسمعه، والأفضل هو الجهر؛ ليكون الأداء على هيئة الجماعة. هداية. (ويخفي الإمام) وكذا المنفرد (القراءة) وجوبا (في) جميع ركعات (الظهر والعصر) لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة النهار عجماء) : أي ليس فيها قراءة مسموعة (¬1) . هداية.
(والوتر) واجب عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وهذا آخر أقواله، وهو الظاهر من مذهبه، وهو الأصح، وعنه أنه سنة، وبه أخذ أبو يوسف ومحمد، وعنه
¬_________
(¬1) ذكر الكمال في الفتح أن الحديث غريب. ونقل عن النووي أنه لا أصل له ثم روى حديث البخاري عن شجرة قال: قلنا لخباب هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلنا: بم كنتم تعرفون قراءته قال: باضطراب لحيته، قلت: وهذا دليل صحيح على وجوب الإسرار في هاتين الصلاتين. ففي الحديث صلوا كما رأيتموني أصلي والأصل في الأمر الوجوب ومثله في الدلالة ما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين قدر ثلاثين آية الحديث

الصفحة 75