كتاب اللباب في شرح الكتاب (اسم الجزء: 1)

غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء إذا استيقظ المتوضئ من نومه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فتح واللام في "الطهارة" للعهد. أي الطهارة المذكورة، وتعقيبه الفرض بالسنن يفيد أنه لا واجب للوضوء، وإلا لقدمه (¬1) (غسل اليدين) إلى الرسغين؛ لوقوع الكفاية به في التنظيف، وقوله (قبل إدخالهما الإناء) قيد اتفاقي، وإلا فيسن غسلهما وإن لم يحتج إلى إدخالهما الإناء، وكذا قوله (إذا استيقظ المتوضئ من نومه) على ما هو المختار من عدم اختصاص سنية البداءة بالمستيقظ (¬2) ، قال العلامة قاسم في تصحيحه: الأصح أنه سنة مطلقاً نص عليه في شرح الهداية، وفي الجوهرة هذا شرط وقع اتفاقاً؛ لأنه إذا لم يكن استيقظ وأراد الوضوء السنة غسل اليدين، وقال نجم الأئمة في الشرح؛ قال في المحيط والتحفة: وجميع الأئمة البخاريين أنه سنة على الإطلاق. اهـ. وفي الفتح: وهو الأولى؛ لأن من حكى وضوءه صلى الله عليه وسلم قدمه؛ وإنما يحكي ما كان دأبه وعادته، لا خصوص وضوئه الذي هو على نوم، بل الظاهر أن إطلاعهم على وضوئه عن غير النوم، نعم مع الاستيقاظ
¬_________
(¬1) يريد أن يقول: إن مرتبة الفرض أولى المراتب وإن مرتبة الواجب تأتي بعقيب مرتبة الفرض، وإن نظام التأليف يقتضي أن يبدأ المؤلف بأولى المراتب، ثم بما يليها، وهكذا وقد بدأ المؤلف فعلاً بالفروض، ثم انتقل إلى بيان السنن، فعلمنا من هذا الصنيع أنه ليس للوضوء واجبات، إذ لو كان له واجبات للزم أن يذكرها عقيب الفروض حتى يتم النظام.
(¬2) اعلم أنه قد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده) وظاهر هذا الحديث أن غسل اليدين إنما يكون سنة في حق من تيقظ من النوم، فأما من يكون يقظان قبل إرادة الوضوء وقد تأكد من نظافة يديه فلا يسن له ذلك، وكذلك ظاهر الحديث أنه إنما يسن غسل اليدين لمن يكون ماء وضوئه في إناء فهو يريد أن يغترف منه، فأما من لا يكون ماؤه في إناء كمن يتوضأ من صنبور فلا يسن له ذلك. وقد بين المؤلف رحمه الله أن غسل اليدين سنة على كل حال: أي سواء أكان من يريد الوضوء قد استيقظ من منامه أم لم يكن، وسواء أكان يتوضأ من إناء أم لم يكن، وقد اعتذر عن قيد الاستيقاظ وقيد إدخال اليد في الإناء الواردين في الحديث بأنهما اتفاقيان لا يقصد بهما الإحتراز

الصفحة 8