كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

تستجيشُ فيها وفي أغوارها كلُّ مشاعرِ الطهْر اللامتناهية.
أحتاجُ إلى كلِّ رُوحٍ مأنوسةٍ شفيقةٍ، أحتاجُ إلى إِيناسٍ وَدُودٍ نَدِيٍّ، وأنفاسِ مناجاةٍ دامعة .. فيها كلُّ ذبُولِ العبادة الوضيء .. وجمالِها الحبيب الهامِسِ اللطيفِ .. جمالٌ لا يدانيه جمالُ التصورات الشاعرية الطليقة.
يَحتاج قلمي لمدادٍ نيِّرٍ طاهرٍ ذاب فيه طِيبُ كلِّ طيب في الجنة قبل الدنيا .. كلُّ مِسكٍ أذفر، وكلُّ طيوب العنبر .. مِدادٌ يعلوه كلُّ بريقِ الماس واللآليء وأصفى الدُّرِّ والجواهر، عزًّا بشرفِ الكلام عن سيِّد الأوَّلين والآخرين - صلى الله عليه وسلم -.
مِدادٌ ذابت فيه آهاتُ المشتاقين إلى لقاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .. وكل طُهْر وأُنسٍ وطمأنينةٍ ويقينٍ في الكون .. وكل رُوحِ فجرٍ وضيئة.
يحتاج قلمي إلى نسيمِ مِسكٍ يَهُبُّ فوق شجرة طوبى ليهتزَّ القلمُ بكل طهر وطِيبٍ وظلٍّ حتى يكتبَ ألفاظًا وعباراتٍ تليقُ بمَقام النبوة .. وتتأدَّبُ مع جلالها ..
حروفُ معانٍ أو عقودُ جواهرٍ ... تُحَاكِي مصابيحَ النجوم الزواهرِ
وإبريزُ تبريزٍ من النَّظم فُتِّحَتْ ... قوافيه زهْرًا في رياضِ الدَّفَاتِرِ
يروحُ بأرواحِ المحامد حُسنُها ... فيَرْقَى بها في سَاميات المفاخِرِ
إذا ما هداها الفكرُ أَهدتْ لَذِي النهي ... شمائلَ أَشهى من طُيَوب المَعاصِرِ
تشعشع من نورِ المعَاني عنايَةً ... بها تُضرَبُ الأمثالُ بين المَعاشِرِ
وتَنظِمُ من نَثْرِ المثاني قلائدًا ... تُزَخْرِف جيْدَ الجُودِ من كُل فاخِرِ
وتَنشُرُ مِن طَيِّ المُرُوعة للفتَى ... مكارمَ أخَلاقٍ وحُسْنَ سَرَائِرِ
إذا سَتَروها بالحِجاب تبرَّجتْ ... محاسنُ تبدو من وراءِ الستائِرِ

الصفحة 11