كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

فإذا جاء زُبالةَ الأفكار، ونُحاتةَ الأذهان، جال وصال، وأبدى وأعاد، وقعقع وفرقع، فإذا طَلَع نورُ الوحي وشمسُ الرسالة، انحَجَر في حُجرةِ الحشرات.
هؤلاء الذين تنكَّبوا صراطَ الله المستقيم، واستبدلوه بطريقٍ بهيم لا معالم فيه، واندفعوا بظُلمةِ شهواتِهم وشُبهاتهم، وغيِّهم وضلالاتهم في التِّيه، وظلمةِ الحيرة والقلق والانقطاع عن الهدى، والوحشةِ من الجَنَاب الآمن المأنوس، وظلمةِ اضطراب القِيمَ وتخلخُلِ الأحكام والموازين والقيم، وظلمةِ الهواجس والوساوس .. لهم ومعهم وفيهم كلُّ نزغاتِ الشياطين ..
وكيف يُدرك في الدنيا حقيقتَه ... قومٌ ظلامٌ تسَلَّوْا عنه بالظُّلَمُ
حوَّلوا الحياة هم وتلاميذُهم وأذنابُهم إلى مستنقعٍ آسن، وارتكس الدجاجلةُ شانِؤو محمد - صلى الله عليه وسلم - ومعهم الغوغاء في الحمأة الوبيئة، وفي الدَّرْكِ الهابط، وفي الظلام البهيم، وأفسدوا الأرض، وأَسِنت الحياةُ بسببهم، وظَهَر الفسادُ في البرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس، وشكى ضوءُ النهار وظلمةُ الليل والمعقِّباتُ إلى ربِّهم، وكادت السماواتُ يتفطَّرْنَ مِن فوقهم، وتنفطرُ الأرضُ، وتَخِرُّ الجبال هدًّا لتطاولِ اللئام الأقزام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى وحيه وعلى شريعته، وعلى تبجُّحهم، ومَلأ القولُ الفاجرُ كلَّ حاضرٍ وبادِي، وعلا فحيحُ الأفاعي ..
يُرمرِمُ من فُتاتِ الغرب قُوتًا ... ويَشربُ من كؤوسهم الثُّمالةْ
يُقَبِّل راحةَ الإفرنج دَوْمًا ... ويَلثِمُ دونما خَجلٍ نِعَالهْ

* * *

الصفحة 16