كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

وأقبل إلي، فدفعني بمَنكِبه حتى أخرَجَني من الأجَمَة، ووضعني على الطريق وهَمْهَم، فظننت أنه يُوَدِّعني" (¬1).

* وأعجبُ من هذا استباقُ النوق للموت بين يديه، وكأنَّ الموت بين يديْه حياة:

• عن عبد الله بن قُرْط - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعظمُ الأيام عند الله يومُ النحْر، ثم يومُ النَّفْر"، وقُرِّب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَمس بَدَناتٍ، فطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إليه (¬2) أَيَّتهُنَّ يبدأ بها، فلما وَجَبَت جنوبُها، قال كلمة خفيفة لم أفهمها، فسألت بعضَ مَن يَلِيني: ما قال؟ .. قالوا: قال: "مَن شاء اقتطع" (¬3).
ما بال النوق يسْرِعْن للموت بين يديه .. وكأنَّ الموتَ بين يديه حياة!! ما بالُها وَعَت مَا لم يَعِه غِلاظُ الأكباد مَن البشر!! وما بالها سارعت فيما يرضيه، وقصَّر في محبته مَن شَرَّفهم اللهُ بالانتساب إليه بعد أن كانوا على هامشِ الحياة لا شأنَ لهم في الأرض ولا ذِكر لهم في السماء!!.

* حتى الكلاب تَغضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
إن كانت الكلابُ تغضب لمن ينتقص شخصَ الرسول الكريم .. فماذا يفعل المليارُ وربعُ مليار ممَّن أنقذهم الله به من الظلمات، وأخرَجَهم إلى النور على يديْه؟! .. وماذا سنقول لنبينا - صلى الله عليه وسلم - حينما نلقاه على الحوض؟! ..
¬__________
(¬1) صحيح: أخرجه ابن سعد، وأبو يعلى، والبزار، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي.
(¬2) يقتربْن منه ويسْرعْن إليه.
(¬3) حسن: رواه أحمد (4/ 350) وأبو داود (5/ 184)، وحسنه مقبل الوادعي في "الصحيح المسند من دلائل النبوة" (ص 102).

الصفحة 19