كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

لنُعِدَّ للسؤال جوابًا من الآن .. انظر إلى هذا الخبرِ وتدبَّرْه .. تجد العجبَ العُجاب، يَرويه حافظ الدنيا ابن حجر العسقلاني في كتابه "الدرر الكامنة": "كان النصارى ينشُرون دعاتَهم بين قبائل المغول طَمَعًا في تنصيرهم، وقد مَهَّد لهم الطاغية "هولاكو" سبيلَ الدعوة بسببِ زوجته الصليبية "ظفرخاتون"، وذات مرة توجَّه جماعةٌ من كبار النصارى لحضور حفلٍ مغوليٍّ كبير عُقِد بسبب تنصُّر أحدِ أمراءِ المغول، فأخذ واحدٌ من دُعاة النصارى في شتم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان هناك كلبُ صيدٍ مربوط، فلما بدأ هذا الصليبيُّ الحاقد في سبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - زمجر الكلبُ وهاج، ثم وثب على الصليبي وخَمَشه بشدةٍ، فخلَّصوه منه بعد جَهْدٍ.
فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في حقِّ محمد - صلى الله عليه وسلم -.
فقال الصليبيُّ: كلاَّ، بل هذا الكلبُ عزيزُ النفس رآني أُشير بيدي، فظنَّ أني أُريدُ ضربه، ثم عاد لسَبِّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأقذع في السبِّ، عندها قطع الكلبُ رِباطَه ووثب على عُنق الصليبيِّ وقَلَع زَوره في الحال، فمات الصليبي من فوره، فعندها أسلم نحوُ أربعين ألفًا من المغول" (¬1).
والتطاولُ على أزكى الرسل وسيِّدهم - صلى الله عليه وسلم - فاق كلَّ حدٍّ من المغضوب عليهم والضالين: اليهود والنصارى، ومن عُبَّاد البقر، والزنادقةِ، والملاحدة، وأهل النفاق .. والتطاولُ على سُنَّتِهِ وإنكارُ المتواتر منها وما صحَّحه جهابذةُ الحديث وشيوخُ الحُفاظ: أصبح تجارةً رائجةً بين الدهماء والغوغاء وأهل الخبث ممن يعرفهم أهلُ الله مِن لَحْن قولهم.
¬__________
(¬1) "الدرر الكامنة" لابن حجر العسقلاني (3/ 202).

الصفحة 20