كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

واجعلْ من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم أعطِنِي نورًا" (¬1).
لا يفقهُ عِظَمَ هذا المَثَل وقَدْرَ هذا الدعاءِ النبويِّ الجميل إلاَّ مَن رَزَقه اللهُ نورًا وحياةً في قلبه، {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122].

° ولله درُّ القائل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
قَمَرٌ تفرد بالكمالِ كمالُه ... وحَوَى المحاسِنَ حُسْنُه وجمالُهُ
وتناول الكَرَمَ العريضَ نَوَالُه ... وَحَوَى المفاخِرَ فخرُه المتقدِّمُ
فبربِّه صَلُّوا عليه وسلِّمُوا
واللهِ ما ذَرَأ الإلهُ ولاَ بَرَا ... بَشَرًا ولا مَلَكًا كأحمدَ في الوَرَى
فعليه صلَّى اللهُ ما قلمٌ جَرَى ... وجَلاَ الدياجي نورُه المُتبَسِّمُ
فبربِّه صَلُّوا عليه وسلِّمُوا

° والقائل:
قمرٌ تشعشعَ مِن ذؤابةِ هاشمٍ ... في الأرض نورُ هدايةٍ وصوابِ
العاقبُ الماحي الضَّلالةَ بالهدى ... ومُدَمِّرُ الأزلامِ والأنصابِ

° ولله درُّ القائل فيه:
فهو الذي تمَّ معناهُ وصورتُه ... ثم اصطفاه خليلاً بارئُ النَّسمِ
لكأنما خَرَجت هذه النَفْسُ مِن صِيغةٍ كصيغةِ الدُّرة في محارتها،
¬__________
(¬1) رواه مسلم وأبو داود -واللفظ له- عن ابن عباس.

الصفحة 36