كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

وَهْم، فالقبولُ السمعيُّ يكون بالكلام، والقبولُ الوَهْمِي يكونُ بالخطرات، والكلامُ يكونُ من المتكلِّم فيه آلاتُ الكلام، والخطرات من متفكِّر فيه خزائنُ العقل .. فصَحَّ مِن هذه الجهة أن قبولَ الرسل قبولٌ وَهْميٌّ يخطُرُ في أفئدتِهم ما أُرسلوا به، ثم يؤدُّون إلى الأمم بلسانهم ولغتهم" (¬1).

° ثم أجاب عن قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51]: "يعني ما كان للناطق أن يَصِلَ إليهَ خَطرٌ من كلمةِ الله تعَالى: {إِلاَّ وَحْيًا}، يعني: إلا ما يؤيِّده من جهةِ السابق {أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} يعني: أو ما يؤيِّده به من جهة السابق هن وراء التالي، فالتالي حجابٌ بين الطبيعة والعقل، إذ هو المتوسِّطُ بينهما، {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}، يعني: أن الناطقَ إذ رَقى إلى حدِّ الناطقية فقد فُرض عليه أن يُغيِّر بلسانِه كما قَذَفَ في قلبه الروحُ الأمين من صناعةِ الأشياء ليُبَلِّغَ بذلك إلى الأمة، فنظرنا في الكلام فوَجَدْنا صوتَ الموضوع بالاتفاق والاصطلاح دالاًّ على الزمان، وإذا فُرِّقت أجزاؤه لم تَدُلَّ على شيءٍ من الكلام" (¬2).

° وقال أيضاً في كتابه الآخر: "هذا وَهْمٌ من العوامِّ أن الرسالة إنما هي إرادةُ الله تعالى أن يُرسِلَ رسولاً إلى خَلقِه فيُرسلَ إليه مَلَكاً من الملائكة" (¬3).

° وأمَّا ما يُقالُ بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُوحَى إليه بواسطة جبرائيلَ هو من الملائكة، فليس الأمر كذلك، لأن جبرائيلَ عند الإسماعيلية ليس بمَلَكٍ من
¬__________
(¬1) "إثبات النبوءات" للسجستاني الفصل الثاني من المقالة الخامسة (ص 147، 148).
(¬2) أيضاً الفصل الثالث من المقالة الخامسة في كيفية كلام الله (ص 149).
(¬3) "كتاب الافتخار" للسجستاني (ص 61) ط بيروت لبنان.

الصفحة 428