كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

دَوره، وقام عيسى -عليه السلام- عن أمرِ إمام زمانِه الذي هو حُزيمة -عليه السلام-، ففعل كفِعل مَن كان قبلَه إلى وفاءِ دَوره، وقام محمدٌ -عليه السلام- عن أمرِ إمام زمانه الذي هو أبو طالب وكان له ضِدَّان أبو لهب وأبو جهل، إلى أن أوفى ما عليه من الخِدمة، وأكمَلَ قوانينَ شريعتِه التي هي رموزٌ وإشاراتٌ إلى حدودِ الله تعالى الرُّوحانية والجسمانية الدالةُ على توحيد الله تعالى وتنزيهه، ثم أقام وَصيَّه عليَّ بنَ أبي طالب -عليه السلام-، وانتقل إلى دارِ كرامةِ الله تعالى" (¬1).

° وذكر الحامديُّ أيضاً في كتابه مفصِّلاً ما أجمَلَه في شرح وتفسير كلام المؤيد: "وذلك أنَّه لَمَّا آنَ قيامُ الناطقِ السادسِ الذي هو ممثولُ اللحم في الشرائع، وزَوَّجه صاحبُ الوقتِ بخديجةَ بنتِ خويلد -عليها السلام- وهي حُجّته، فزاوجها على الظاهرِ والباطن، كما زاوَجَ إبراهيم سارة، فرَفعت "خديجة" منزلته -كما ذكرنا- بأمرِ وليِّ الأمر، وسَلَّمت إليه رُتبةَ النبوةِ والرسالة، وهو ما رُوي أن خديجة أسلمت يوم الإثنين وقتَ الظُّهر، وهو اليومُ الذي بُعث فيه، والوقتُ الذي قام به مرسَلاً، وقولهم: "إن عليًّا أسلم يوم الثلاثاء وقتَ الظهرِ بعد مَبْعثهِ بيوم، فكان بين إسلام خديجةَ وإسلامِ على خمسُ صلوات في خمسةِ أوقات"، والمعنى في ذلك أنَّه لَمَّا تَسلَّم من خديجةَ رتبةَ النبوَّةِ والرسالة في الظاهرِ المحض، الذي هو حَظُّ النّطقاء قبلَ إسلام عليٍّ، ومعنى "إسلام علي" يعني أن المَقامَ -الذي هو صاحب الوقت- لمَا كان في كهفِ التقيَّة وحُجُب الاستتار من قريشٍ وغيرهم، لحَسَدهم وتكبُّرِهم، وانكتام الأمرِ من إسماعيلَ بنِ إبراهيم
¬__________
(¬1) "الأنوار اللطيفة" (ص 108 , 109).

الصفحة 434