كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

-عليه السلام-، تَنَبَّه، فأَمر حُجتَه "بنت خويلد خديجة" بإحضارِها، والخمسة حدود الذين هم بينه وبين ربَه -الذين تقدَّم ذكرهم- بأمرِ الله له ووحيهِ إليه، أن يَستكفلَ محمدًا لعليٍّ رُتبةَ الوِصايةِ والإمامةِ، ويستودعَها فيهم له، فشَرَحت خديجةُ عليه ما أُمرت، وبَيَّنت له أنَّه وصيُّه ووارث عِلمِه، والذي تجتمعُ إليه المراتب، وهو مستقَرُّ الباطنِ ومركزُه، وأساسُ الدين، وأَخذت عليه عَهدَ الكَفالة والوفاءِ بالوديعة لوصيِّه مِن بعدِه، لأنه مقامُ النور، والحجابُ المشهور، والبابُ المستور، الذي اسمُه في العصور والدهور: نهايةُ النهايات، وغايةُ الغايات، صاحبُ الظهورِ اللطيف المتسلسل معناه من أولِ السُّلالةِ الشرعيةِ إلى ظهورِه مع الرتبة اللحمية، فبَسَط يَدَه للعهد على ذلك، وأقرَّ بما هنالك، فرضي عليٌّ بكفالته ووديعته، وسَلَّم الأمرَ لصاحبِ الأمر، واستسلم بالدخول تحتَ طاعتِه وخِدمته، إلى وفاءِ مُدَّته، فذلك معنى "إسلام علي"، وهو الرضاء والتسليم بالحقيقة" (¬1).

° وأما الداعي الإسماعيليُّ عليُّ بن الوليد، فقد ذكر في هذا المعنى: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَجْمَعًا لعلومه تلك الظاهرة، ونَفَخ فيه مُقيمُه ومؤيِّدهُ الذي هو عمُّه الروحَ الحياةَ التي مَن نُفِخت فيه فقد نال ثوابَ الدنيا وحُسنَ ثوابِ الآخرة، وأعلى قَدْرَه على جميع العالَمين، وجَعَله دونَ الناس مبلِّغاً , لمَا يَنزلُ به الروحُ الأمينُ على قلبه، ليكون من المُنذِرين، بلسانٍ عربيٍّ مُبين، فصار للكل مَجمعاً , ولمتفرِّقاتِ الفضائِل مَحِلاًّ وموضِعاً، - صلى الله عليه وسلم -" (¬2).
¬__________
(¬1) "كنز الولد" (ص 216، 217).
(¬2) "الذخيرة في الحقيقة" لعلي بن الوليد بتحقيق الأعظمي الفصل الثامن عشر (ص 108،=

الصفحة 435