كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

وعباراتُ هذا الدعاءِ صريحةٌ في معناها، ظاهرةٌ في مفهومها , لا تحتاج إلى توضيحٍ وبيان بأنَّ محمدَ بن إسماعيل نَسِخَ شريعةَ محمدٍ رسول الله الذي جَعَله اللهُ خاتَمَ النبيين، وأكمَلَ به الدين، كما أن محمداً صلوات الله وسلامه عليه نَسخ بمجيئه شريعةَ عيسى - عليه السلام -، وكما أن عيسى نَسخ شريعةَ مَن قَبله .. وهلمَّ جرًّا.
واستعمَلَ المُعزُّ -وهو إمامٌ معصومٌ لدى الإسماعيلية لا يخطىُء ولا يَلحَن، ولا يَنطِقُ عن الهوى إن هو إلاَّ وحيّ يوحَى- نفسَ العبارة، وعَيَّن الألفاظَ لمحمدِ بنِ إسماعيل، التي استعملها لمحمدِ بن عبد الله وغيرِه من النطقاء الخمسةِ الذين نسخوا شريعةَ مَن قبلَهم من الأنبياء والنطقاء.
ثم إنَّ هذا لم يُنقل عن المعزِّ وحدَه، ولو كان منه وحدَه لكان كافياً للحُجة والتدليل؛ لأنه إمامٌ معصوم -حسب زعم القوم-، وحائزٌ على مرتبة الألوهيَّة والربوبيَّة -كما مرَّ بيانُه في مبحث الإِلهيات ومبحثِ الإِمامة-، بل وصرَّح بهذه الحقيقة الآخرون أيضاً، كما أنه لَم يَرِدْ ولم يُنقل في كتابٍ واحد، ولا من كتابٍ واحد، بل وَرَد هذا الدعاءُ في الكتب الكثيرة الإِسماعيلية.
هذا ولقد ذَكر هذه الحقيقةَ كثير من الدعاة الإسماعيلية، وأثبتوها في كتبهم الباطنية بأساليبَ متعددةٍ وطرقٍ مختلفة.

° فيقول الداعي إدريسُ عماد الدين المتوفَّى سنة 872 هـ: "وقام محمد بن إسماعيل صلوات اللَّه عليه وهو سابعُ الأئمَّة وقائمُهم مقابل لجده عليٍّ أمير المؤمنين تمام الدَّور الرّوحاني، والخلق الآخر الذي هو نفس الشيء ورُوحُه ومعناه، وهو تمامُ الدَّور الأول، ومنه ابتدأ الدورُ الثاني .. فقام

الصفحة 448