كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

المسلمين، فإن ثغورَ المسلمين ما زالت بأيدي المسلمين، حتى جزيرةُ "قبرص" يسَّر الله فتحها عن قريب، وفَتَحها المسلمون في خلافةِ أمير المؤمنين عثمانَ بنِ عفان - رضي الله عنه - فَتَحها معاوية بن أبي سفيان إلى أثناء المئة الرابعة.
فهؤلاء المحادُّون لله ورسوله كثُروا حينئذٍ بالسواحل وغيرها، فاستولى النصارى على الساحل، ثم بسببهم استولَوا على "القدس الشريف" وغيره؛ فإن أحوالَهم كانت من أعظم الأسباب في ذلك، ثم لما أقام الله ملوكَ المسلمين المجاهِدين في سبيل الله تعالى كنُورِ الدين الشهيد، وصلاح الدين وأتباعهما، وفَتَحوا السواحلَ من النصارى، وممن كان بها منهم، وفتحوا -أيضًا- أرضَ مصر، فإنهم كانوا مُستَوْلِين عليها نحوَ مئتي سنةٍ، واتَّفقوا هم والنصارى، فجاهَدَهم المسلمون حتى فَتَحوا البلاد، ومِن ذلك التاريخ انتشرت دعوةُ الإِسلام بالديار المصرية والشامية.
ثم إنَّ التتارَ ما دَخلوا بلادَ الإِسلام وقَتلوا خليفةَ بغداد وغيرَه من ملوك المسلمين إلاَّ بمعاونتهم ومؤازرتهم؛ فإن منجِّم هولاكو الذي كان وزيرَهم -وهو "النصير الطوسي"- كان وزيرًا لهم بـ "الألموت"، وهو الذي أَمر بقتل الخليفةِ وبولاية هؤلاء.
ولهم ألقابٌ معروفة عند المسلمين، تارةً يسمَّون "الملاحدة"، وتارةً يُسمَّون "القرامطة"، وتارةً يُسمَّون "الباطنية"، وتارةً يسمَّون "الإسماعيلية"، وتارةً يُسمَّون "النصيرية"، وتارةً يُسمَّون "الخُرَّمِيَّة"، وتارةً يسمَّون "المحمرة"، وهذه الأسماء منها ما يَعُمُّهم، ومنها ما يخصُّ بعضَ أصنافهم، كما أن "الإسلام والإِيمان" يعمُّ المسلمين، ولبعضِهم اسم يخصه: إما

الصفحة 491