كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

تموتُ بموتِ البهيمة، وملاقاةُ الوعاء النجس في الباطن لا ينجس.
ومذهبُ مالك والشافعيِّ وأحمدَ -في الرواية الأخرى-: أن هذا الجبنَ نجس؛ لأن الإِنفحَّة عند هؤلاء نجِسة؛ لأنَّ لبنَ الميتةِ وإنفحّتَها عندهم نجس .. ومَن لا تؤكلُ ذبيحتُه فذبيحته كالميتة، وكلٌّ مِن أصحابِ القولَين يحتجُّ بآثارٍ ينقلُها عن الصحابة، فأصحابُ القول الأولِ نَقَلوا أنهم أكَلوا جبن المجوس، وأصحابُ القول الثاني نقلوا أنهم أكلُوا ما كانوا يظنون أنه من جُبنِ النصارى، فهذه مسألةُ اجتهاد؛ للمقلِّد أن يُقلِّدَ مَن يُفتي بأحدِ القولين.
وأما "أوانيهم وملابسهم"، فكأواني المجوس وملابسِ المجوس، على ما عرف من مذاهب الأئمة، والصحيحُ في ذلك أن أوانيهم لا تُستعمل إلاَّ بعد غسلها؛ فإن ذبائحَهم ميتة، فلا بدَّ أن يصيب أوانيَهم المستعملةَ ما يَطبخونه من ذبائِحهم فتَنجُسَ بذلك، فأمَّا الآنية التي لا يغلِبُ على الظن وصولُ النجاسة إليها، فتُستعمل من غيرِ غَسْل كآنيةِ اللبن التي لا يَضَعُون فيها طبيخَهم، أو يغسِلونها قبلَ وضع اللبن فيها، وقد توضَّأ عمرُ بنُ الخطاب - صلى الله عليه وسلم - من جَرة نصرانيةٍ، فما شُكَّ في نجاسته لم يُحكم بنجاسته بالشك.
ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، ولا يُصلَّى على من مات منهم، فإن الله - سبحانه وتعالى - نهى نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة على المنافقين، كعبدِ الله ابن أبي، ونحوه، وكانوا يتظاهَرون بالصلاة والزكاة والصيام والجهاد مع المسلمين، ولا يُظهرون مقالةً تخالف دينَ الإِسلامٍ، لكن يسِرُّون ذلك، فقال الله تعالى: {وَلا تصَل عَلَى أَحَدٍ مِّنْهم مَاتَ أَبدا ولا تَقم عَلى قَبره إنَّهم

الصفحة 494