كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

وأيضًا: فضررُ هؤلاء على المسلمين أعظمُ من ضررِ أولئك، بل ضررُ هؤلاء من جنسِ ضررِ مَن يقاتلُ المسلمين مِن المشركين وأهل الكتاب، وضررُهم في الدين على كثير من الناس أشدُّ من ضرر المحارِبين من المشركين وأهل الكتاب.
ويجبُ على كل مسلم أن يقومَ في ذلك بحسب ما يَقدِر عليه من الواجب، فلا يحلُّ لأحد أن يكتمَ ما يعرفُه من أخبارهم، بل يُفشيها وُيظهِرُها ليعرفَ المسلمونَ حقيقةَ حالِهم، ولا يَحِلُّ لأحدٍ أن يعاونَهم على بقائهم في الجُند والمستخدَمين، ولا يحلُّ لأحدٍ السكوتُ عن القيام عليهم بما أَمَر الله به ورسوله، ولا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَنهى عن القيام بما أمَرَ الله به ورسوله؛ فإن هذا من أعظم أبوابِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى، وقد قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّبِي جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم: 9]، وهؤلاء لا يَخرُجون عن الكفار والمنافقين.
والمعاوِنُ على كفِّ شرهم وهدايتهم -بحسب الإمكان- له من الأجرِ والثوابِ ما لا يعلمُه إلا الله تعالى؛ فإن المقصودَ بالقصد الأول هو هدايتُهم، كما قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّه أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -. "كنتْم خيرَ الناس للناس، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تُدخِلوهم الإسلام"، فالمقصود بالجهاد، والأمرِ بالمعروف، والنهي عن المنكر: هدايةُ العبادِ لمصالح المعاش والمعادِ بحسب الإمكان، فمَن هداه الله سَعِد في الدنيا والآخرة، ومَن لم يَهْتَدِ كَف الله ضرَرَه عن غيره.

الصفحة 498