كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

واستقالت "أي الألف" وسُعِّرت واستسعرت، وتشهَّقت واستشهقت، ونَطقت واستنطقت، وتبلبلت واستبلبت، وإن في الحين إذنَ الله لها فتلجلجت ثم فاستلجلجت".
نعم هناك أناس علماءُ في اللغة، وفقهاءُ في الفهم والتعبير والمعنى، سمعوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصادق الأمين كلام ربه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِن شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [سورة الكوثر].
فاضطروا إلى القول: "ما هذا بكلام البشر".
نعم وإن هناك رجالاً هم أشدُّ أعداء الله ورسوله، وأكبر المعاندين والمخالفين للشريعة السماوية الإلهية، وألدُّ خصوم الإسلام ومَن جاء به، قالوا في كلام البارئ المتعال: "إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لَمُغدِق، وإن فَرْعَه لَجُناة" (¬1) -ولقد قال هذا الوليدُ بنُ المغيرة أحد سادة قريش-.
وحتى اليومَ مع مُضِيِّ أربعةَ عَشَرَ قرنًا على نزوله من لُدُنْ عليم خَبير لم يستطع كُفَّار الشرق والغرب أن يأتوا كتابًا مِثلَه في عُذوبةِ البيان ونُدْرةِ الخيال والتفكير، وقوَّةِ المنطق والبرهان، وسلامةِ الأسلوب، ورَوعةِ الخيال، وغزارةِ العلم والحكمة، وعَظمةِ الأحكام، ومُرونةِ الشريعة، وسلامةِ القواعد والأصول، ومتانةِ اللغة ورصانتها، وكرامةِ التعليم وشرافته، ولَبَاقةِ القولِ ولياقته، فما أعظمَه شأنًا، وما أعلاه مَقامًا، وما أجمَلَه، وما أحسَنه، وما أكملَه!.
يَزيدك وجهُه حُسنًا ... إذا ما زِدتَه نَظرَا
¬__________
(¬1) "السيرة" لابن هشام (1/ 270).

الصفحة 520