كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 1)

جبروت عظمتي مخاطبًا لبريَّتي أن اعملوا حدودي حبًّا لجمالي" (¬1).
فلنضربِ الصفح عن المعاني ومفهوم الفقرة -التي لا مفهومَ لها-، ونقول "لفارس المعاني في مضمارِ الحكمة والبيان" و "صاحب القلم الأعظم": إن فعلَ المرور لا يتعدى "بمِن" ولا يوجدُ له شاهدٌ في كلام العرب قديمًا وحديثًا، بل إنه يتعدى "بالباء" و"على" أو بنفسه عند البعض كما قيل قديمًا:
أمرُّ على الديارِ ديارِ ليلى ... أقبِّل ذا الجِدارَ وذا الجدارَا
وما حُبُّ الديارِ شَغفْنَ قلبي ... ولكن حُبُّ مَن سَكن الديارَا

° وأما "بالباء"، فكما قال جرير في رواية:
مررتم بالديار ولم تَعُوجوا ... كلامُكم عليَّ إذًا حرامُ

° ورُوي أيضًا:
تمرون الديارَ ولم تَعوجوا
أي تعديته بنفسه.
وثانيًا: العَرْف -بفتح العين وسكون الراء-: الرائحة طيبةً كانت أم مُنتنة، وقصدُه هاهنا الرائحة الطيبة، ونلفِتُ النظرَ إلى أن العربَ لا يستعملون لفظة المرور بالعَرف بمعنى الرائحة الطيبة، بل يستعملون لفظة "تَضوَّع، ونفح، وفحَّ، وتفرَّق، وانتشر، وسطع"، ولكن البليدَ هذا لا يعرف استعمالاتِ العربِ، ويصوغ التراكيبَ كيفما يشاءُ غيرَ عارفٍ بأن لكل لغةٍ قواعدَ ومناسبات، ولا تَجمُلُ الجُمل وتَحسُنُ الصياغةُ إلاَّ حسب
¬__________
(¬1) "الأقدس".

الصفحة 584