كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وحكم التّثنية والجمع - مع هذه الأقسام الثّلاثة - حكم المفرد في حذف النّون والجرّ، وإثباتها والنّصب، تقول في الأوّل: هذان الضّاربا الرّجل، والضّاربان الرّجل، وهؤلاء الضّاربو الرّجل، و: الضّاربون الرّجل، وتقول في الثّاني: هذان الضّاربا زيد، والضّاربان زيدا، والضّاربو زيد، والضّاربون زيدا.
وقد أجازوا النّصب مع حذف النّون، وهو قليل، وأنشدوا (¬1):
الحافظو عورة العشيرة لا … يأتيهم من ورائهم وكف
وعليه قرئ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ (¬2) بالنّصب (¬3)، فجعلوا حذف النّون تخفيفا، لا للإضافة، والجرّ أكثر، وتقول في الثّالث: مررت برجلين ضاربى زيد، وضاربين زيدا، وبرجال ضاربى زيد، وضاربين زيدا.
الحكم السّادس: إذا عطفت على الاسم المفعول المجرور الذي فيه الألف والّلام اسما لا ألف ولاما فيه، فالاختيار النّصب، كقولك: أعجبنى الضّارب الرّجل وزيدا، وقد جوّز سيبويه (¬4) فيه الجرّ؛ حملا على الّلفظ، وأنشد (¬5) عليه:
الواهب المائة الهجان وعبدها … عوذا تزجّى خلفها أطفالها
¬__________
(¬1) لعمرو بن امرئ القيس، وقيل: لقيس بن الخطيم، انظر: زيادات ديوان قيس بن الخطيم 172.
وهو من شواهد سيبويه 1/ 186، وانظر أيضا: المقتضب 4/ 145 والإيضاح العضدىّ 1/ 149 والمحتسب 2/ 80 والمنصف 1/ 67 والتبصرة 222 والخزانة 4/ 272 و 5/ 122، 469.
العورة: المكان الذي يحذر فيه العدوّ. الوكف: العيب والإثم.
(¬2) 35 / الحج.
(¬3) وهي قراءة ابن أبي إسحاق والحسن، ورويت عن أبى عمرو، انظر: المحتسب 2/ 80 وشواذ ابن خالويه 95 والبحر المحيط 6/ 369.
(¬4) الكتاب 1/ 182 - 183.
(¬5) للأعشى. ديوانه 29.
انظر: المقتضب 4/ 163 والأصول 1/ 134 و 2/ 308 والتبصرة 143 والمخصّص 16/ 125 والخزانة 4/ 256 و 5/ 131 و 6/ 498.
الهجان: البيض، وهي أكرم الإبل. العوذ: جمع عائذ، هي الحديثة النّتاج (وهي صيغة نسب، مثل حول وحائل) وتزجّى: تسوق. والمعنى: أنّ الممدوح يهب المائة الهجان من الإبل، ومعها عبدها، أي راعيها.

الصفحة 512