كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

والفصل في المجرور أقبح منه في المنصوب والمرفوع، كقولك: مررت بزيد اليوم وأمس عمرو.
الحكم الثّامن: قد تقدّم أنّ اسم الفاعل إذا كان (¬1) للماضي لا يعمل عند البصريّ، وما جاء منه عاملا فمؤوّل، كقوله تعالى: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً (¬2)، وكقولهم: هذا معطى زيدا أمس درهما، فالشّمس والقمر منصوبان بفعل مضمر دلّ عليه" جاعل"، ومثل هذا الإضمار في القرآن كثير، وتقديره - والله أعلم - أنّه لمّا قال:" وجاعل الّليل" (¬3) قيل: ما جعله؟ قيل: جعله (¬4) سكنا وجعل الشّمس والقمر حسبانا وكذلك «درهما" منصوب بفعل مضمر دلّ عليه" معط"، ولقد استغنى الكوفىّ عن هذا التقدير (¬5) والتعسّف.
النّوع الثّانى:
في الصّفة المشبّهة باسم الفاعل، وفيه فرعان:
الفرع الأوّل: في تعريفها، وهي: كلّ صفة لم تجر على فعلها، وإنّما هي مشبّهة باسم الفاعل بالتذكير والتأنيث والتّثنية والجمع، كما كان اسم الفاعل
¬__________
(¬1) انظر ص 506.
(¬2) 96 / الأنعام.
(¬3) قرأ بالألف" جاعل" ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب، ووافقهم الحسن وابن محيصن واليزيدىّ. انظر السبعة 263 والتيسير 105 والنشر 2/ 260 والاتحاف 124.
(¬4) قال الزّجّاج فى معانى القرآن وإعرابه" 2/ 274:" النّصب في" الشمس والقمر" هي القراءة ....
لأنّ في" جاعل" معنى" جعل" وبه نصبت" سكنا" وانظر أيضا: الأصول 1/ 128 والتّبصرة 220.
(¬5) يعني ويعمل اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضى. وانظر: المساعد على تسهيل الفوائد 2/ 197 والهمع 5/ 81.

الصفحة 514