كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

مظهر، ولكن يرفع بالابتداء، و" أفضل" الخبر، وتكون الجملة صفة ل" رجل".
وقد رفعوا المظهر - وليس بالكثير - حملا على المعنى، تقديره: مررت برجل فاضل أبوه، فإن قلت: مررت برجل أفضل منك، رفعت به المضمر، ولذلك لم يستحسنوا: مررت برجل خير منه أبوه؛ لأنّه وإن كان صفة، فقد فارق الصّفات المشبّهة باسم الفاعل؛ لامتناعه من التّأنيث والتّثنية والجمع؛ فلا تقول: خيرة وخيران؛ وحيث لم يستحسنوا ذلك فالأحسن الأفصح أن تقول: مررت برجل أبوه خير منه.
فإن كانت" أفعل" ليست الّتى تصحبها" من"، رفعت المظهر، تقول:
مررت برجل أحمر أبوه، وأسود شعره، وزرقاء عينه، فإن ثنّيت معموله وجمعته قلت: مررت برجل أحمر أبواه، وأحمر أباؤه.
وأمّا قولهم (¬1):" ما من أيّام أحبّ إلى الله فيها الصّوم منه في عشر ذى الحجّة"، و: ما" رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين (¬2) زيد"، فإنّ/ الصّوم و" الكحل" يرتفعان ب" أفعل"؛ لأنّ الهاء في" منه" للمرتفع ب" أفعل"، بخلاف ما تقدّم، وإنّما جعلت للكحل في عينه عملا ليس له في عين غيره.
¬__________
(¬1) كذا بالأصل، وهذا حديث فكان يجب تصديره بقوله: وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم، ولعلّه يقصده: وأمّا قولهم فى الحديث. وقد أخرجه ابن ماجة فى سننه 1/ 550 - 551 (تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى) برواية مغايرة في بعض الألفاظ، وأخرجه التّرمذيّ في صحيحه 3/ 289 - 290 (طبع المطبعة المصرية بالأزهر 1350، 1931)، وأخرجه أحمد في مسنده 3/ 289 و 5/ 54 و 7/ 257 و 10/ 98، وأخرجه أيضا للحافظ المنذريّ في التّرغيب والترهيب 2/ 124.
(¬2) فى الأصل: في غير زيد، ولعلّه تصحيف وتحريف من الناسخ.

الصفحة 519