كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الفاعل؛ فإنّ تلك بتقدير" الّذي"، وهذه كالتى فى" الرّجل"؛ لأنّها لا يعود إليها شئ، وممّا جاء في الشّعر منه عاملا قوله (¬1):
ضعيف النّكاية أعداءه … يخال الفرار يراخى الأجل
فنصب" أعداءه" بالمصدر الّذي هو" النكاية"، قال الفارسىّ: ولم أعلم في التّنزيل شيئا من المصادر بالألف (¬2) والّلام، وقد عورض بقوله تعالى:
لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ (¬3)؛ فقوله:" بالسّوء" معمول" الجهر"، وكذلك" من ظلم" أى: لا يحبّ الله أن يجهر بالسّوء من القول إلا من (¬4) ظلم.
الحكم الخامس: إذا أضفت المصدر إلى الفاعل أو المفعول، ثمّ عطفت على كلّ واحد منهما جاز لك في المعطوف الحمل على المعنى؛ تقول: أعجبني ضرب زيد وعمر وبكرا، فترفع" عمرا" على أنّ" زيدا" فاعل، وتقول:
¬__________
(¬1) لم أقف على هذا القائل.
والبيت من شواهد سيبويه 1/ 192، وانظر أيضا: الإيضاح العضديّ 1/ 160 والمنصف 3/ 71 والتّبصرة 240 والتصريح 2/ 63 والخزانة 8/ 127.
النّكاية: مصدر: نكيت العدوّ، ونكيت فيه، إذا أثّرت، ويأتى الفعل لازما ومتعدّيا. يراخي الأجل: يباعده ويطيله. يهجو رجلا بأنّه ضعيف عن التأثير في أعدائه، وبأنّه جبان لا يثبت لقرنه في النّزال؛ ومن ثمّ فهو يلجأ إلى الهرب.
(¬2) الإيضاح العضديّ 1/ 160.
(¬3) 148 / النساء.
(¬4) في معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/ 126 " ويجوز أن يكون موضع" من" رفعا على معنى: لا يحبّ الله أن يجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم، فيكون معنى" من" بدلا من معنى" أحد"، المعنى:
لا يحبّ الله أن يجهر أحد بالسّوء من القول إلّا المظلوم" وانظر أيضا: البحر المحيط 3/ 382.

الصفحة 522