كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وشتان ما زيد وعمرو، ولا يقال: شتّان ما بين زيد وعمرو، عند الأكثر، وأجازه بعضهم، وأنشد (¬1):
لشتّان ما بين اليزيدين في النّدى … يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم
ومن ذلك:" هلمّ"، وهي مركّبة من" ها" التّنبيه، و" لمّ" وقد حذفت ألفها، فأهل الحجاز يأتون بها في التّثنية والجمع والمذكّر والمؤنّث بلفظ واحد (¬2)، وبنو تميم يلحقونها علامة ما تقترن به.
ومن ذلك:" بله" وهي على ضربين: اسم فعل، ومصدر، ومعناها التّرك، تقول بله زيدا، أي: اتركه، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث عن الله عزّ وجلّ:" أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله ما أطلعتكم عليه" (¬3).
¬__________
(¬1) لربيعة بن ثابت الرقّيّ.
انظر: ابن يعيش 4/ 37، 68، 69 وشذور الذهب 404 والخزانة 6/ 275.
شتان: اسم فعل ماض بمعنى: بعد وافترق. واللام في لشتان: واقعة في جواب القسم في بيت قبل الشّاهد، وهو:
حلفت يمينا غير ذى مثنويّة … يمين امرئ الى بها غيرا آثم
هذا والفارسىّ على جواز أن يقال: شتّان ما بينهما، قال:" فأمّا قولك: شتّان ما بينهما، فالقياس لا يمنعه، إذا جعلت" ما" بمنزلة" الذى"، وجعلت" بين" صلة؛ لأنّ" ما" لإبهامها قد تقع على الكثرة. فإذا كان كذلك لم يمتنع في القياس، وقد جاء في الشّعر: لشتّان ما بين اليزيدين .. إلّا أنّ الأصمعىّ طعن في فصاحة هذا الشّاعر .. "
انظر: المسائل العسكرية 118 - 119 وانظر أيضا ما ذكره البغداديّ في شرح الشاهد في الموضع المشار إليه من الخزانة.
(¬2) انظر: المقتضب 3/ 25، 203 والأصول 1/ 146 والتبصرة 247.
(¬3) أخرجه مسلم فى صحيحه ص 2174 (كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
وفى رواية مسلم زيادة لفظ" ذخرا" بعد قوله:" على قلب بشر" وأيضا فإن نهاية الحديث في روايته هكذا:" بله ما أطلعكم الله عليه"

الصفحة 530