كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

واختلفوا في النّون المحذوفة: فقيل: هي الأولى (¬1)، وقيل: الثانية، (¬2) وقيل: الثالثة (¬3)، وهو مذهب سيبويه (¬4)، فأمّا قولهم:" إنّا" في" إنّنا" فالمحذوف الوسطى (5)، وقيل: الأولى (¬5)؛ لأنّ الثالثة ليست بوقاية فتحذف، وإنّما هي ضمير الجماعة.
الحكم الخامس: إذا دخلت هذه الحروف على ضمير الشّأن والقصّة فالأولى أن لا يحذف؛ لأنّه ضمير منصوب لم يتقدّمه ذكر، وليس بمنزلته في" كان"؛ لأنّه معها مرفوع، وهو يستتر فيها، تقول: إنّه زيد قائم، ومنه قوله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً (¬6) وقوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ (¬7)
ويجوز حذفه، فتقول: إنّ زيد منطلق،/ تريد: إنّه زيد منطلق، وقد حذف في الشّعر كثيرا، كقوله (¬8):
إنّ من لام في بنى بنت حسّا … ن ألمه وأعصّه في الخطوب
وحكى الخليل أنّ بعض العرب يقول:" إنّ بك زيد (¬9) مأخوذ" على
¬__________
(¬1) و (¬2) و (¬3) انظر: الهمع 1/ 225 وحاشية يس على التصريح 1/ 112 والصبّان على الأشمونى 1/ 124.
(¬4) في الكتاب 2/ 399:" .. فلما كثر استعمالهم إيّاها - بقصد نون الوقاية. مع تضعييف الحروف، حذفوا الّتي تلى الياء".
(¬5) انظر: الهمع 1/ 225.
(¬6) 74 / طه.
(¬7) 46 / الحجّ.
(¬8) هو الأعشى. ديوانه 335 برواية:
من يلمني على بني بنت ...
وهو من شواهد سيبويه 3/ 72، وانظر أيضا: الإنصاف 180 وابن يعيش 3/ 115 والمغنى 605 وشرح أبياته 7/ 268 والخزانة 5/ 420.
يقول: من يلمني في تولّي هؤلاء القوم والتعويل عليهم فى الخطوب ألمه وأعص أمره في كل خطب يصيبني.
(¬9) الكتاب 2/ 134.

الصفحة 537