كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

تقدير: إنّه بك زيد مأخوذ، وإذا حذفته قبح أن يليها فعل، كقولك: إنّ قام زيد، وإنّ يقوم عمرو، تريد: إنّه، فإن فصلت بينها وبين الفعل بظرف جاز أن تقول: إنّ اليوم خرج زيد، وإنّ وراءك يجيء عمرو، ومنه قوله (¬1):
كأنّ على عرنينه وجبينه … أقام شعاع الشّمس أو طلع البدر
الحكم السّادس: قد حذفت أخبارها من الذّكر لمّا علمت، معرفة كان اسمها أو نكرة:
فالنكرة: قولهم" إنّ مالا وإنّ ولدا وإنّ عددا"، أى: إنّ لهم مالا وولدا وعددا، قال الأعشى (¬2):
إنّ محلّا وإنّ مرتحلا … وإنّ في السّفر إذ مضى مهلا
وتقول: إنّ غيرها إبلا وشاء، كأنّه قال: إنّ لنا غيرها، أو إنّ عندنا غيرها إبلا وشاء، فتنصب إبلا وشاء على التمييز والتّبيين، ومثله قوله (¬3):
¬__________
(¬1) لم أقف على اسمه.
وانظر: ضرائر الشعر 178 والهمع 2/ 164 والخزانة 10/ 449
عرنينه: عرنين الأنف: تحت مجتمع الحاجبين، وهو أوّل الأنف حيث يكون فيه الشّمم.
(¬2) ديوانه 233.
وهو من شواهد سيبويه 2/ 141، وانظر أيضا: المقتضب 4/ 130 والأصول 1/ 247 والخصائص 2/ 373 والمحتسب 439 والتبصرة وما في حواشيها 211.
المحل والمرتحل: مصدران ميمّيان بمعنى الحلول والارتحال، أو هما اسما زمان، أي: إنّ لنا في الدنيا حلولا، وإنّ لنا عنها ارتحالا. السّفر: اسم جمع، واحده مسافر، وقيل: جمع مسافر.
قال ابن جنيّ في المحتسب:" أراد: إن لنا محلا وإنّ لنا مرتحلا، فحذف الخبر، والكوفيّون لا يجيزون حذف خبر" إنّ" إلا إذا كان اسمها نكرة، ولهذا وجه حسن عندنا، وإن كان أصحابنا يجيزونه مع المعرفة".
(¬3) هو العجاج، كما فى طبقات فحول الشعراء، لابن سلّام، وليس فى ديوانه المطبوع.
وهو من شواهد سيبويه 2/ 142، وانظر أيضا: الأصول 1/ 248 وابن يعيش 1/ 103، 104، و 8/ 84 والمغنى 285 وشرح أبياته 5/ 164 والخزانة
10/ 234.

الصفحة 538