كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

جعل" بعد ما" بمنزلة حرف واحد، وابتدأ ما بعده.
وقد حدث من ائتلاف" ما" مع، أنّ معنى لم يكن من قبل، وهو: قصر الحكم على الذّات، أو قصر الذّات (¬1) على الحكم، تقول: إنّما زيد قائم، فيقتصر القيام على" زيد"، وإنّما القائم زيد، فتقتصر" زيدا" (1) على القيام، ومثله قوله تعالى: إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (¬2)، إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ (¬3).

الفصل الثّاني: في الأحكام المختصّة
الحكم الأوّل: قد اختصّت" إنّ" المكسورة، دون أخواتها، بدخول لام الابتداء على خبرها واسمها ومعمول خبرها.
أمّا الخبر: فإذا لزم موضعه، ولم يكن فعلا ماضيا، كقولك: إنّ زيدا لقائم، وإنّ زيدا ليقوم، ومنه قوله تعالى: إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (¬4)، وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ (¬5). وأمّا الاسم: فإذا فصل بينه وبينها بالظّرف، نحو: إنّ في الدّار لزيدا، ومنه قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً (¬6).
وأمّا معمول الخبر: فإذا تقدّم على الخبر، تقول: إنّ زيدا لفي الدّار قائم، ومنه قوله تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (¬7).
¬__________
(¬1) فالأول: قصر الصفة على الموصوف، والثاني: قصر الموصوف على الصفة.
(¬2) 11 / البقرة.
(¬3) 98 / طه.
(¬4) 34 / فاطر. وهي في الأصل هكذا:" إنّ الله لغفور شكور".
(¬5) 124 / النحل.
(¬6) 248 / البقرة.
(¬7) 72 / الحجر.

الصفحة 542