كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وإنّما اختصّت ب" إنّ" دون أخواتها لاجتماعهما في التأكيد وجواب القسم؛ ولأنّ أخواتها (¬1) أزالت معنى الابتداء من الكلام الّذي تدخل عليه.
وقد أدخلوا اللّام في خبر" أنّ" المفتوحة فى الشّعر، وجعلها بعضهم (¬2) زائدة، كما جعلها بعض القرّاء زائدة في قوله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (¬3) ففتح (¬4).
وأدخلوها في خبر" لكنّ" في الشّعر، قال (¬5):
ولكنّني من حبّها لعميد
وقد تأوّلوا ذلك، فقالوا: إنّ الأصل: لكنّ إنّنى لعميد، كما أنّ أصل قوله تعالى: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي (¬6) لكن أنا، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون" لكن" وأدغمت فى النّون بعدها (¬7).
الحكم الثّانى: قد اختصّت" إنّ" المكسورة و" لكنّ" دون أخواتهما في العطف على اسمهما بعد خبرهما، بالنّصب على الّلفظ، والرّفع على الموضع؛ لبقاء معنى الابتداء معهما وزواله مع أخواتهما؛ تقول: إنّ زيدا قائم وعمرا،
¬__________
(¬1) في النّسخة اضطراب في هذا الموضع.
(¬2) وهذا رأي الجمهور. انظر: الهمع 2/ 175 والبحر المحيط 6/ 490.
(¬3) 1 / المنافقون.
(¬4) لم أهتد إلى من قرأ بفتح الهمزة فيما لديّ من مصادر.
(¬5) لم أهتد إلى اسمه.
وهذا عجز البيت، وصدره:
يلوموننى فى حبّ ليلى عواذلي
وانظر: الإنصاف 209 وابن يعيش 8/ 62، 64 والمغني 233 وشرح أبياته 4/ 356 و 5/ 202 والهمع 2/ 176 والخزانة 10/ 361.
العميد: الذى هدّه العشق، فعيل بمعنى مفعول.
(¬6) 38 / الكهف.
(¬7) انظر: الكشف عن وجوه القرآءات السبع 2/ 31، والبحر المحيط 6/ 127 - 128، والإتحاف 290.

الصفحة 544