كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

فإن كان ماضي المعنى مستقبل اللّفظ فتدخله «لم» كقوله تعالي:
أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (¬1).
وهذه الفواصل لا بدّ منها، وقد قرأ مجاهد (¬2): لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (¬3). والفارسيّ يذهب إلى أنّها في قوله تعالى: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا (¬4) مخفّفة (¬5)، واستغني ب «لا» قبلها عن الفاصل، وكذلك هي مخفّفة في قوله تعالى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (¬6) بغير فاصل؛ لما فيها من النّفي؛ ولأنّها فعل جامد؛ فبعد عن الأفعال.
وأمّا الاسم إذا وليها: فلم يحتج إلى عوض، تقول: علمت أن عمرو ذاهب، وكقوله (¬7):
في فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (¬8)
وأمّا قولهم:" أما أن يغفر الله لك" و" ما أن جزاك الله خيرا"؛ فإنّما جاز لأنّه دعاء.
¬__________
(¬1) 7 / البلد.
(¬2) قال أبو حيّان في البحر المحيط 2/ 213:" .. وقرئ أن يتمّ برفع يتمّ ونسبها النّحويّن إلى مجاهد .. "
(¬3) 233 / البقرة.
(¬4) 82 / القصص.
(¬5) لم أقف على هذا الرأي في كتب الفارسيّ المطبوعة، ولا في غيرها.
(¬6) 39 / النجم.
(¬7) هو الأعشى. ديوانه 59، وشطره الثّاني في الدّيوان هكذا:
أن ليس يدفع عن ذي الحيلة الحيل
(¬8) وهو من شواهد سيبويه 2/ 137 و 3/ 74، 164، وانظر أيضا: الخصائص 2/ 441 والمنصف 3/ 129 والمحتسب 1/ 308 والتبصرة 461 وابن يعيش 8/ 74 والخزانة 8/ 390 و 10/ 391.

الصفحة 559