كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وأمّا مواضع هذه المخفّفة فبعد الفعل المحقّق، كعلمت، ورأيت ووجدت.
ومواضع المصدريّة: بعد أفعال الطّمع والاشفاق؛ كطمعت، ورجوت وخفت. فإن قويت أفعال الطّمع فقربت من اليقين جاز دخول المخفّفة عليها، كقوله (¬1):
ولا تدفنانى في الفلاة فإنّني … أخاف إذا مامتّ أن لا أذوقها
[وبعد أفعال الظّنّ، مثل] (¬2) حسبت، وظننت، وخلت، فإن قربت من باب العلم واليقين كانت المخفّفة بعدها، كقوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (¬3) بالرّفع (¬4)، تقديره: حسبوا أنّه لا تكون فتنة، أي (¬5): تيقّنوا، وإن كانت على بابها من الظنّ كانت المصدريّة بعدها، وعليه قرئت هذه الآية بالنّصب (¬6)، ومثله قوله تعالى الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (¬7).
¬__________
(¬1) هو أبو محجن الثقفيّ. ديوانه 8.
وانظر: تفسير الطبرى 2/ 461 و 5/ 61 والمغني 30 وشرح أبياته 1/ 138 والخزانة 8/ 398.
الفلاة: الأرض المهلكة الّتى لا نبت فيها ولا ماء.
(¬2) تتمّة يقتضيها المقام.
(¬3) 71 / المائدة.
(¬4) وبه قرأ أبو عمرو وحمزه الكسائيّ ويعقوب وخلف، ووافقهم اليزيديّ والأعمش.
(¬5) انظر: الأصول 2/ 209 والتبصرة 463 ومشكل إعراب القرآن 1/ 239.
(¬6) وبه قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر: انظر في تخريج القراءتين: السّبعة 247 والتيسير 100 وإبراز المعاني 298 والبحر المحيط
3/ 533 والنشر 2/ 255 والإتحاف 240.
(¬7) 1، 2 / العنكبوت.

الصفحة 560