كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الحكم السّادس: قد أبدلوا من همزة" إنّ" المكسورة هاء؛ فقالوا:
" لهنّك لرجل (¬1) صدق"، قال الشّاعر (¬2):
ألا يا سنابرق على قلل الحمى … لهنّك من برق عليّ كريم
قال سيبويه: وهذه كلمة يتكلّم بها العرب في حال اليمين، وليس كلّ العرب (¬3) يتكلّم بها، ولحقت هذه الّلام كما لحقت" ما" حين قلت: إنّ زيدا لما لينطلقنّ، فالّلام الأولى في" لهنّك" لام اليمين، والثّانية: لام" إنّ" وهي في" لما لام" إنّ"، وفي" لينطلقنّ" لام اليمين؛ لدخول النّون معها.
وتكون" إنّ" بمعنى" نعم" وستجيء فى أبنية الحروف (¬4).
وكذلك أبدلوا من همزة" أنّ" المفتوحة" عينا" في لغة تميم إبدالا مطّردا (¬5)؛ فقالوا: يحسب عنّى قائم، أي: يحسب أنّي قائم.
¬__________
(¬1) فى الأصل: الرّجل.
(¬2) وهو رجل من بني نمير، كما ذكر البغداديّ في الخزانة.
انظر: الخصائص 1/ 315 و 2/ 195 وسر صناعة الإعراب 552 وابن يعيش 8/ 63 و 9/ 25 و 10/ 42 والمغني 231 وشرح أبياته 4/ 347، 350 والخزانة 10/ 351.
السنا: البرق. القلل: جمع قلّة، وهي من كل شئ. أعلاه. الحمى: المكان الذى يحمى من النّاس فلا يقربه أحد، وأراد به: حمى حبيبته. من برق: تمييز مجرور ب" من".
(¬3) الكتاب 3/ 150: هذا وفي كلام سيبويه الذى نقله عنه ابن الأثير سقط به بين قوله:" يتكلّم بها وقوله: ولحقت هذه الّلام .. " فالذي في الكتاب:" وليس كلّ العرب يتكلّم بها، تقول: لهنّك لرجل صدق فهي" إنّ" ولكنّهم أبدلوا الهاء مكان الألف، كقوله: هرقت ... ".
(¬4) انظر: 2/ 428.
(¬5) وهذا الإبدال هو المعروف بعنعنه تميم. انظر: سرّ صناعة الإعراب 229 - 230.

الصفحة 561