كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الفرع الثّانى: فى أحكامها:
الحكم الأوّل: سيبويه يذهب إلى أنّ حركة الاسم الّذى بعد" لا" حركة بناء (¬1)، ونزّلهما منزلة" خمسة عشر" ووافقه جماعة من محقّقى النحاة (¬2)، وذهب الزّجاج (¬3) ومن تبعه - كالسّيرافىّ (4) والرّمّانىّ (¬4) - إلى أنّها حركة إعراب، وتأوّلوا قول سيبويه؛ لأنّه سمّاها نصبا ولم يسمّها فتحا، وزعم آخرون أنّها حركة إعراب تشبه حركة بناء (5)، وعكس هذا القول آخرون، (¬5) ولكل منهم حجّة تمسّك بها.
الحكم الثّانى: إذا وقعت الأخبار أجوبة فلا بدّ أن يكون عن سؤال ظاهر أو مقدّر، والجواب يكون على وفق السّؤال فى العموم والخصوص، فإذا قلت:
لا رجل فى الدّار، فهذا نفى عام لجميع الرّجال؛ فينبغى أن يكون السؤال عاما مثله، كقولك: هل من رجل فى الدّار؟ فاستغرقت الجنس ب" من"، فإذا قلت: لا رجل فى الدّار، فلا يجوز أن يكون فيها رجل واحد، ولا أكثر منه، فإذا حذفت" من" من السّؤال فقلت: هل رجل فى الدّار؟ جاز أن
¬__________
(¬1) الكتاب 2/ 274 - 276، 283.
(¬2) انظر: المقتضب 4/ 357 وانظر أيضاحا شية الشيخ عضيمة ففيها شرح لمذهب سيبويه، وانظر أيضا: الرضيّ على الكافية 1/ 255 وفيها أنّ الأخفش والمبرّد وافقا سيبويه.
(¬3) قال في معاني القرآن وإعرابه 1/ 69:" وموضع «لا ريب» نصب، قال سيبويه:" لا" لا تعمل فيما بعدها فتنصبه، ونصبها لما بعدها كنصب" إنّ" لما بعدها، إلّا أنها تنصبه بغير تنوين .. " وقال في موضع آخر 1/ 270:" وقد شرحنا أنّ" لا" تنصب النكرات بغير تنوين، وبيّنّا حقيقة نصبها .. " وقال في موضع ثالث 1/ 338:" وقوله - عزّ وجلّ - «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ»: «إِكْراهَ» نصب بغير تنوين".
(¬4) انظر: التصريح 2/ 239 والهمع 2/ 199.
(¬5) انظر: الرضىّ على الكافية 1/ 255 والهمع فى الموضع السابق.

الصفحة 572