كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

لك ولا أخاه، كأنّه قال: لا رجل لك ولا أخاله.
الحكم التاسع: إذا فصلت بين" لا" واسمها بطل عملها؛ تقول: لا لك غلام، ولا عندك جارية؛ لأنّها مبنيّة معها كخمسة عشر، فإذا فككت البناء بالفصل، بطل العمل، ووجب تكرير" لا" مع الفصل، كقوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (¬1)، ولا يجوز من غير تكرير إلّا على ضعف (¬2).
وتقول: لا كزيد أحدا، فتنوّن" أحدا"؛ للفصل بين" لا" و" أحد"، وحكى سيبويه عن العرب: لا كزيد أحد (¬3)، ولا مثله أحد، فحمله على الموضع، وقال: أمّا قول جرير (¬4):
لا كالعشيّة زائرا ومزورا (¬5)
فلا يكون إلّا نصبا؛ من قبل أنّ" العشيّة" ليس ب" الزّائر"،/ وإنّما أراد: لا أرى كالعشيّة زائرا، أى: في العشيّة، فإذا
قلت: لا كزيد رجل، ولا كالعشيّة عشيّة، رفعت؛ لأنّ الآخر هو الأوّل.
¬__________
(¬1) 47 / الصّافّات.
(¬2) قال ابن السّرّاج فى الأصول 1/ 394:" .. ولا يجوز: لا فيها أحد، إلا على ضعف، فإن تكلّمت به لم يكن إلا رفعا؛ لأن" لا" لا تعمل إذا فصل بينها وبين الاسم، رافعة ولا ناصبة .. ".
(¬3) الكتاب 2/ 292 - 293.
(¬4) ديوانه 223.
(¬5) هذا عجز البيت، وصدره:
يا صاحبيّ دنا الصّباح فسيرا
وهو من شواهد سيبويه 2/ 293، وانظر أيضا: المقتضب 2/ 150 والأصول 1/ 404 وابن يعيش 2/ 114 والخزانة 4/ 95.
العشية: ما بين الزوال إلى الغروب، وقيل: من صلاة المغرب إلى العتمة، وقيل: هي آخر اللّيل، وأراد الشّاعر بالزائر: نفسه، وبالمزور: من يهواه.

الصفحة 581