كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الحكم العاشر: قد شبّهوا" لا" ب" ليس"، فرفعوا الأوّل، ونصبوا الثّانى، وهو قليل، أنشد سيبويه (¬1):
من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح
تقول: لا أحد أفضل منك، وأدخلوا" الباء فى خبرها؛ حملا عليها، وأنشدوا (¬2):
وكذاك لا خير على … أحد ولا شرّ بدائم
ومنع من ذلك قوم، وأجازه الفارسىّ تارة (¬3)، ومنع منه أخرى، فأمّا قولهم:" لا خير بخير بعده (¬4) النّار، ولا شرّ بشرّ بعده الجنّة"، فقيل: إنّ" الباء" زائدة زيادتها فى خبر" ليس" و" ما"، ويكون قولك:" بعده النّار صفة للمنفىّ الذى هو" لا خير" و" النّار" مبتدأ، و" بعده" خبر، كأنّك قلت: لا خير بعده النّار بخير، ف" خير" مع" لا" فى حكم المبتدأ، وإن جعلت" بعده النّار" فى موضع جرّ صفة ل" خير" المجرور بالباء لم تكن الباء زائدة
¬__________
(¬1) الكتاب 1/ 58 و 2/ 296، 304، والبيت لسعد بن مالك.
وانظر: الأصول 1/ 96 واللّامات 107 والتبصرة 391 وأمالي ابن الشجريّ 2/ 224 وابن يعيش 1/ 108 والمغني 239، 361 وشرح أبياته 4/ 313، 376 و 7/ 319 وشرح حماسة أبي تمّام للمرزوقيّ 506 والخزانة 1/ 467 و 4/ 39.
لا براح: لا انحراف لي فيها.
(¬2) لامرئ القيس، وليس في ديوانه المطبوع، ونسب أيضا إلى خزر بن لوذان السّدوسىّ.
انظر: عيون الأخبار 1/ 145 والجمهرة 3/ 181 والضرائر 64 والمؤتلف والمختلف 102.
(¬3) لم أقف على إجازة الفارسيّ أو منعه في كتبه المطبوعة.
(¬4) انظر: شرح الأشمونيّ (تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1/ 472).

الصفحة 582