كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وكانت بمعنى (¬1) " في" فكأنّه قال [لا] (¬2) خير فى خير هذه صفته والباء متعلقة بمحذوف تقديره: لا خير موجود في خير (¬3) بعده النار.
الحكم الحادى عشر: إذا دخلت" لا" على معرفة رفعتها، وألزمتها التكرير، تقول: لا زيد عندك ولا عمرو، ويقبح أن تقول: مررت برجل لا شجاع، حتّى تقول: ولا كريم، مثلا.
والأصل في هذا الباب: أنّ" لا" متى كانت جواب الهمزة، و" أم": لزم تكريرها مع المعرفة والنكرة، يقال: أزيد عندك أم عمرو؟ فتقول: لا زيد ولا عمرو، فأمّا قولك: لا زيد في الدّار، فلا يجوز إلّا في ضرورة الشّعر، قال (¬4):
بكت جزعا واسترجعت ثمّ اذنت … ركائبها أن لا إلينا رجوعها
ويقال: أرجل عندك أم امرأة؟ فتقول: لا رجل ولا امرأة، وقد جاء فى
¬__________
(¬1) للصبان في حاشيته على شرح الأشمونى بحث جيد نفيس في هذه المسألة فراجعه - إن شئت - فى 1/ 252 - 253
(¬2) تتمة يقتضيها السياق.
(¬3) ما ذكره ابن الأثير حول قولهم: لا خير بعهده النار، موجود نبصه تقريبا فى الأصول 1/ 407 - 408.
(¬4) لم أقف على اسمه.
والبيت من شواهد سيبويه 2/ 298، وانظر أيضا: المقتضب 4/ 361 والأصول 1/ 393، وابن يعيش 2/ 112 والهمع 2/ 207
استرجعت: طلبت الرّجوع من الرّحيل؛ كرها منها لفراق الأحبّة، ويجوز أن يكون معنى استرجعت: قالت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. آذنت: أشعرت وأعلمت. الرّكائب: جمع ركوبة، وهي: الرّاحلة الّتي تركب. جعل تهيّؤ الإبل للّركوب عليها كأنّه إيذان وإعلام بالفراق.

الصفحة 583