كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

أحدهما: أن ترد بعد الّلام الواقعة في الإيجاب، كقولك: جئتك لتكرمني، ولأن تكرمني، ومنه قوله تعالى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ/ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ (¬1) أي: لأن يغفر، فتقدّر" أن"؛ ليصير الفعل بها مصدرا، فيحسن دخول اللّام الجارّة عليه.
الثّاني: أن يكون قبل الفعل اسم، كقولك: يعجبني ضرب زيد ويغضب عمرو، تريد: أن يغضب عمرو، فيجوز إظهار": أن" وحذفها، وإظهارها عند بعضهم أقوى، وسيجئ هذا مبسوطا في الموضع (¬2) الثّالث.
وأمّا الموضع الثّاني - وهو ما لا تعمل فيه إلّا مظهرة - فكقولك: أن تقوم خير لك، وأريد أن يقوم، ويعجبني أن تذهب، فإن حذفت" أن" رفعت الفعل فقلت: تقوم خير لك، وأريد يقوم، ويعجبني تذهب، ومنه قوله تعالى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (¬3) تقديره: أن أعبد؛ ولهذا قال سيبويه: مره يحفرها (¬4).
والكوفيّ يجيز النّصب (¬5) مع الحذف، وأنشد (¬6):
ألا أيّهذا الزّاجرى أحضر الوغى … وأن أشهد اللّذات هل أنت مخلدي
¬__________
(¬1) 1، 2 / الفتح.
(¬2) انظر: ص 605.
(¬3) 64 / الزمر.
(¬4) الكتاب 3/ 99.
(¬5) انظر: الأصول 2/ 176، والإنصاف 560.
(¬6) لطرفة بن العبد. ديوانه 31.
وهو من شواهد سيبويه 3/ 99، وانظر أيضا: الأصول 2/ 162، 176، والإنصاف 560، وابن يعيش 2/ 7 و 4/ 28 و 7/ 52، والمغني 373، وشرح أبياته 5/ 68 و 6/ 181، 305، 306، والخزانة 1/ 119 و 8/ 507.

الصفحة 594