كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الموضع الثّالث: وهو ما لا تعمل فيه إلّا مضمرة، وذلك بعد خمسة أحرف:" الفاء" و" الواو" و" أو" و" الّلام" و" حتّى".
الحرف الأوّل:" الفاء"، وهي العاطفة، ولا يجوز إظهار" أن" معها إذا كانت جوابا لأحد سبعة أشياء، وهي: الأمر، والنّهي، والنّفي، والتّمنّي، والدّعاء، والاستفهام، والعرض، تقول فى الأمر: زرنى فأكرمك، وفي النّهي:
لا تشتمه فيشتمك، وفي النّفي: ما أنت مستحقّ فأعطيك، وفى التّمنّي:
ليت لى مالا فأنفقه، وفى الدّعاء: اللهمّ ارزقني مالا فأتصدّق به، وفي الاستفهام: أين بيتك فأزورك، وفي العرض: ألا تزورنا فنكرمك، فالنّاصب في هذه كلّها" أن" مضمرة، عند سيبويه (¬1) ومحقّقي (¬2) النّحاة، وقال الجرميّ:
النّاصبة" الفاء" (¬3).
وإنما قدّر" أن" لأنّ ما بعد الفاء خالف (¬4) ما قبلها/ فأضمرت؛ لتصير مع ما بعدها في معنى المصدر؛ فيصحّ العطف، فإنّك إذا قلت هل تأتيني فأحدّثك، تقديره: هل يكون منك إتيان متّصل بحديثي، ومعناه: إن أتيتني
¬__________
(¬1) الكتاب 3/ 6.
(¬2) انظر: الأصول 2/ 153 والهمع 4/ 108.
(¬3) انظر: ابن يعيش 7/ 21.
(¬4) انظر: الأصول 2/ 154، 181 وسرّ الصناعة 272.

الصفحة 595